ضوء الأدلة المذكورة.
والجدير بالذكر أنّ الآيات القرآنية المتعلقة بأبحاث المعاد قلّما ركزت على مسألة الروح وبقائها ، ويبدو أن علة ذلك هو أننا نستطيع إثبات المعاد دون إثبات بقاء الروح.
* * *
بقاء الروح في القرآن
لا ينبغي الإلتباس إنّنا نريد القول بأنّ القرآن لم يتطرق إلى مسألة الروح وبقائها ، بل نريد أن نقول أنّه لم يوقف إثبات المعاد عليها ، فهناك عدّة آيات في القرآن أشارت صراحة أو تلميحاً إلى بقاء الروح وإستقلالها وعدم فنائها بفناء البدن ، ومن ذلك ما ورد في الآية ١٧٠ من سورة آل عمران بشأن الشهداء في سبيل الله :
(وَلَاتَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا في سَبْيلِ اللهِ امْوَاتاً بَلْ احْياءٌ عِنْدَ رَبِّهْمِ يُرزَقُونَ* فَرِحِينَ بِمَا آتيهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالّذينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ الّا خَوْفٌ عَلَيِهُمِ وَلَاهُمْ يَحْزَنُونَ).
فالآية صريحة في بقاء أرواح الشهداء ، ونعلم أنّ هذا الحكم لايختص بالشهداء في سبيل الله ، وذلك لعدم وجود الفارق بين روح هؤلاء والآخرين من حيث المادية وعدمها ، وإن إقتصر الذكر عليهم فذلك لأنّ الكلام كان بشأن وضع الشهداء من قبل الناس (كما يستفاد ذلك من سبب نزول الآية).
كما ورد في الآية ٤٦ من سورة المؤمن :
(النَّارُ يُعْرَضونَ عَلَيْهَا غُدُواً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ ادْخِلُوا آلَ فِرْعَونَ اشَدَّ الْعَذابِ).