أليس هذا الأمر أشبه شيئاً بفرد أخرس يروم وصف رؤياه وما شاهده في المنام لآخر مكفوف البصر؟!
عبثية الهرب من الواقع
إنّ أسوأ سبل مواجهة الحقائق المريرة يتمثل بالتهرب من إدراكها وإستيعابها أو إيداعها بوتقة النسيان.
حقّاً ليس هناك خفة عقلية تفوق هذه القضية بأن ننسى شيئاً لاينسانا أبداً ، أو نتوقع إعادة النظر بشأن مطلب حتمي لايمكن إجتنابه بأي شكل من الأشكال.
لماذا لا نفكر بالموت والحوادث التي تعقبه ومصير الروح بعد مفارقتها لهذه الحياة ومئات القضايا الأخرى ذات الصلة بالموت؟ والحال وقوع الموت في المستقبل القريب بالنسبة لنا يعد من الحوادث القطعية الحتمية التي لا غبار عليها ولا نقاش فيها.
إنّنا حين نتصفح التاريخ نرى الموت قد صرع أقوى الأفراد وأقدرهم من قبيل الاسكندر وجنكيز خان ونابليون ومن كان على شاكلتهم ، كما قضى على أعظم العلماء والمفكرين وأقوى الأدباء والشعراء والكتّاب ، فقد ركع الجميع للموت واستسلموا له ، وعليه فليس من المعقول أن ننساه أو نخشاه ونخافه عبثاً ، فقد ورد عن أميرالمؤمنين علي عليهالسلام أنّه قال (وَكَيْفَ غَفْلَتُكُمْ عَمَّا لَيْسَ يُغْفِلُكُمْ وَطَمَعُكُمْ فِيْمَنْ لَيْسَ يُمْهِلُكُمْ) (١)
فما أحرانا أن نتقدم إلى الأمام بكل شجاعة وبسالة وواقعية لنقف على الأمور المتعلقة بنهاية الحياة ونحصل على الأجوبة الشافية والوافية
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة ١٨٨