طبعاً لا ينبغي أن تكون هذه الحقيقة وسيلة للتفاسير الخاطئة والمنحرفة ومدعاة إلى نوع من الفوضى في الألفاظ المتعلقة بالعالم الآخر ، بل لابدّ من توضيح مفاهيم هذه الألفاظ في ظل القرائن الموجودة ، من جانب آخر فإن مفاهيم الألفاظ إنّما تتغير بمرور الزمان في الحياة الدنيوية : فحين كانت تطلق كلمة السراج يراد بها تلك القارورة المملوءة بالزيت وفي فوهتها فتيلة طويلة يخرج جزء منها للإشعال ويأخذ الزيت بالإحتراق شيئاً فشيئاً ، وأحياناً توضع عليها مظلة متواضعة لإحتواء الدخان.
أمّا اليوم فتطلق هذه الكلمة ويراد بها المصباح الكهربائي الذي يعلق في السقف فلا من زيت ولا فتيلة ، ولا يحمل من السراج القديم سوى خاصيته في مكافحة الظلمة ، ويصدق هذا الكلام على سائر وسائل الحياة القديمة والجديدة على أنّ تلك الوسائل والأدوات تغيرت تماماً ، غير أنّ النتيجة باقية ثابتة ، فإن كان هذا الاختلاف والتغيير إلى هذه الدرجة بشأن زمانين في هذا العالم ، فما بالك بذلك العالم الذي يختلف بكل تفاصيلة عن هذا العالم ، بحيث إذا لم نحصل على ألف باء آخر لبيان مفاهيمه فلابدّ على الأقل أن نفكر في إستعمال ألفاظ أكثر بالنسبة لنتائجها ، طبعاً لا نقول إنّنا نفسّرها كيفما نشاء ونصرّح بأنّ لهذه الألفاظ وضع خاص.
ونخوض الآن في تفسير هذه المفاهيم بعد تلك المقدمة.
* * *
الف ـ شهداء القيامة
تعرض القرآن الكريم على لسان آياته إلى طائفة من شهداء المحشر وهم بالترتيب :