الجنّة والنار
لو أقيمت علاقة بين أم وطفلها التي في بطنها واستطاعا التحدث معاً ، فسوف لن تكون هناك أم قادرة على التعبير عن المنظر الجميل الساحر والخلّاب لحظة شروق الشمس أو غروبها على ساحل بحيرة رائعة تتناثر حولها الحشائش والأشجار بأغصانها التي تداعب أمواج البحيرة.
إنّها لاتسطيع تصوير حالة النسيم المنعش الممزوج بالرائحة العطرة للزهور والتي تحمل رسالة الحب ، كما لا تستطيع شرح ألم فراق صديق حميم يتلظى بنار حبيبه ، وليس لها تمثيل سهره الليالي وتطلعه إلى السماء والكواكب والنجوم ، وأنى للجنين إدراك هذه المفاهيم ولم يتعامل سوى مع قبضة من اللحم والدم؟
إنّ شرح نعم الجنّة والآلام المفجعة لعذاب النار بالنسبة لنا نحن الذين نعيش في جنين هذه الدنيا بالضبط كم مرّ معنا في إدراك الجنين.
حقاً ـ كما قلنا ـ فإنّ كلماتنا المحدودة في هذه الحياة لأعجز من أن تصور الحقائق الخارجة عن دائرة الحياة الدنيا ، وعليه فلابدّ من ألفاظ أخرى ومشاعر وأحاسيس وإدراكات أخرى لكي يمكن التحدث عنها أو سماعها ، وما أروع ما قاله القرآن الكريم بشأن تلك الحياة : (فَلَا تَعْلَمُ نَفْس مَا اخْفِىَ