فلو نظرنا لهذا الحديث لبدت لنا في البداية بعض الأسئلة التي لا يسهل الردّ عليها ، لأنّ عقد العزم على الذنب لايكفي لكل ذلك العقاب بالاضافة إلى ما ورد في الروايات بشأن نيّة الذنب لوحدها ليست ذنباً فضلاً عن عقوبته الخالدة ، إلّاأنّه يمكن القول بعد التمعن أنّ هذا الحديث إشارة لطيفة إلى الأبحاث السابقة ، لأنّ نيّة الذنب الأبدي فقط لُاولئك الذين طبع وجودهم بالذنب وقد أغلقوا على أنفسهم كافة سبل النجاة وإحترقوا بمعاصيهم.
وبعبارة أوضح : إنّ هذه النيّة لا تؤثر بمفردها ، بل «الخلود» خاصية تلك الروح الملوثة والطائشة المصممة على الذنب الدائم ، ومن يبتلي بمثل هذه الحالة إثر الذنب فإنّه يبتعد عن الله بحيث لا يبقي له من سبيل إلى العودة وهذا من آثار أعماله.
* * *
أين النار والجنّة؟
هل النار والجنّة موجودتان الآن؟ ... أم في طريقهما إلى الإيجاد؟ ...
وإن كانتا موجودتين فأين؟
وعلى فرض عدم وجودهما الآن وسيوجدان فأين سيكون موضعهما؟ من جانب آخر فإننا نقرأ في بعض الآيات القرآنية أنّ الجنّة عرضها السموات والأرض ، فاذا كان كذلك فهل سيبقى من مكان لجهنم؟!
هذه هي الأسئلة التي تعترض هذا البحث ، لكن قبل الإجابة عليها لابدّ من الإلتفات إلى نقطة وهي أنّ للنار والجنّة ثلاثة معاني مختلفة وردت في الآيات القرآنية والروايات الإسلامية :
١ ـ جنّة الدنيا.