الكاملة ، ولا تخشى من الحياة التي تنتظرك فالخشية لابدّ أن تكون من هذه الحياة الضيقة المحدودة.
فمن البديهي أنّ من ينظر هكذا إلى مسألة الموت لن يقول أبداً أنّ الموت حالة عبثية لا طائل من وراءه أو هو إنتحار وقتل للنفس ، بل يراه حقيقة سامية يحث الخطى من أجل معانقتها ، وما أجمله إن كان وسيلة لبلوغ الأهداف المقدسة والسامية ، وخلاص الإنسان من الذلة والخنوع والبؤس والشقاء.
* * *
العنصر الآخر لخشية الموت
هناك طائفة أخرى تخشى الموت لا لأنّه يعني الفناء والعدم المطلق ، بل لأنّ صحيفة أعمالهم بلغت درجة من الاسوداد والظلمة بحيث يشاهدون بأم أعينهم ما سيترتب عليها من جزاء أليم وعذاب شديد سيطالهم بعد الموت ، أو على الأقل أنّهم يحتملون ذلك.
فهؤلاء أيضا محقون في خشيتهم الموت ، لأنّهم بمثابة المجرم الذي اقتيد من قضبان السجن وحمل إلى المقصلة ، طبعاً الحرية والخلاص مطلوب ، لكن لا التحرر من السجن نحو المشقة! فحرية هؤلاء من سجن البدن أو سجن الدنيا يتزامن وحركتهم نحو المقصلة ، «المقصلة» لا بمعنى الإعدام بل بمعنى العذاب الأسوأ منه.
ولكن ما بال اولئك الذين يخشون الموت ولايرونه فناءاً وعدماً ، كما ليس لهم من صحيفة أعمال سوداء؟ لِمَ يرهبون الموت في سبيل تحقيق الأهداف المقدسة؟ لماذا؟ ...