بالمناسبة لا ندري ما هو الشعور الذي كان يسود الإنسان آنذاك تجاه الحياة والموت ، فلو كان يحسن الكتابة لعله دوّن جانباً من مشاعره وخلفها لأبنائه المعاصرين ممن يدفعهم حبّ الاطلاع للوقوف على هذا الأمر ، غير أنّ المؤسف له لم يحصل هذا العمل حيث لم يكن الخط والكتابة قد أخترعت بعد ، مع ذلك فإنّ والكهوف وأعماق الأرض قد حفظت كنوزاً قيّمة من آثار حياة الناس آنذاك ، وكما أشرنا في البحث السابق فإنّ هذه الآثار ـ ولاسيّما كيفية القبور التي خلفّوها ـ تفيد أنّهم كانوا يؤمنون بالحياة ما بعد الموت ، ولهذا السبب كانوا يضعون وسائل موتاهم وأدواتهم معهم في التراب ، على أمل الاستفادة منها بعد العودة للحياة ثانية.
أمّا إعتقاد الإنسان بالقيامة بعد دخوله عصر التأريخ (عصر ظهور الخط وإكتشاف الفلزات فما لاتتطرق إليه شائبة وعلى درجة من الوضوح لا إبهام فيه وقد ثبت ذلك في جبين تاريخ الامم والشعوب.
وكل ذلك ـ كما ذكرنا آنفا ـ يفيد إمتزاج هذه العقيدة بالفطرة البشرية.
* * *
الانحراف عن الفطرة والتخبط في المتاهات
عادة ما تبعث «الإلهامات الفطرية» الإنسان دائماً على شكل دافع تلقائي باتجاه مختلف المسائل التي تحتاجها روحه وجسمه ، ولو لم تكن هذه الإلهامات فطرية ، وأنّنا لا نكشف الأشياء إلّامن خلال الإختبار والتجربة والعقل لتعقدت أعمالنا بهذا المجال.
فالتنسيق والتعاون بين هذين الجهازين (الإلهامات الفطرية والكشوفات العقلية والتجربية) أدّى إلى هذه السرعة التي بلغها الإنسان في