نقطتان مهمتان
هناك تعبيران في هذه الآية هما أكثر إنسجاماً مع التفسير الأخير.
١ ـ النقطة الأولى أنّ القرآن قال : (فَاذَا انْتُمْ مِنْهُ تُوِقدُونَ)
«توقدون» من مادة «وقود» وهو عود الثقاب والكبريت يطلق عليه في العربي الزناد ، وبناءاً على هذا فالقرآن الكريم يعرض صورة حول قدرة الله على الإتيان بالضوء والحرارة من الأشجار الخضراء ، وهي نفس القدرة التي تفيض الحياة على الموتى. وهو الكلام الذي ينطبق تماماً على قيامة الطاقة (إنبعاثها) ، وما ذكره المفسرون بشأن أشجار النار «المرخ» و«العفار» أنسب للزناد ، والحال عبرت الآية بالوقود لا الزناد.
٢ ـ النقطة الأخرى التعبير «الشجر الاخضر» الذي يبدو غير ممكناً للوهلة الأولى لدى الذهن بالإتيان من النار من الخشب الأخضر ، فما أحراه لو قال «الشجر اليابس» ليكون أكثر إنسجاماً مع هذا المعنى ، ولكن لاينبغي الغفلة عن قضية وهي أنّ الشجر الأخضر وحده الذي يستطيع القيام بعمل الكربنة وإدخار الضوء وحرارة الشمس ، أمّا الشجر اليابس فلو عرض مئة سنة للشمس لما وسعه إدخار ذرة من طاقتها الحرارية ، فيقتصر ذلك الأمر الأشجار الحيّة والخضراء القادرة على القيام بذلك العمل ، وعليه فالشجر الأخضر لوحده الذي يمدنا بالنار وهو بمثابة مخزن للطاقة ، حيث يحتفظ بالحرارة والضوء بطريقة معيّنة في خشب البارد والرطب ، وأمّا إن تيبست هذه الأشجار وجفت فقد عطلت فيه عملية الكربنة وإدخار الطاقة.
كان ذلك صورة لقيامة الطاقة في القرآن الكريم ، والذي يمثل من جانب آخر معجزة علمية لهذا الكتاب السماوي الخالد.
* * *