فصادفنا البحر حين اغتلم (١٢٩٨) فلعب بنا الموج شهرا ، ثم ارفينا إلى جزيرتك هذه فجلسنا في أقربها فدخلنا الجزيرة فلقينا دابة اهلب كثيرة الشعر لا يدرى ما قبله من دبره من كثرة الشعر ، فقلنا : ويلك ما أنت؟ فقالت : أنا الجساسة قلنا : ما الجساسة؟ قالت : اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق فأقبلنا إليك صراعا وفزعنا منها ولم نأمن أن تكون شيطانة ، فقال : أخبروني عن نخل ببستان قلنا : عن أي شأنها تستخبر؟ قال : أسألكم عن نخلها هل يثمر؟ فقلنا له نعم ، قال أما انه يوشك ان لا يثمر ، قال أخبروني عن بحيرة الطبرية؟ قلنا : عن أي شأنها تستخبر؟ قال : هل فيها ماء؟ قالوا : هي كثيرة المال قال : أما ان ماءها يوشك ان يذهب قال أخبروني عن عين زغر (١٢٩٩) قالوا عن أي شأنها تستخبر؟ قال : هل في العين ماء؟ هل يزرع أهلها بماء العين؟ قلنا له : نعم هي كثيرة الماء وأهلها يزرعون من مائها ، قال أخبروني عن نبي الأميين ما فعل؟ قالوا : هاجر من مكة ونزل يثرب ، قال : أقاتله العرب؟ قلنا : نعم قال كيف صنع بهم؟ فأخبرناه انه ظهر على من يليه من العرب فأطاعوه قال لهم : قد كان ذاك؟ قلنا نعم ، قال : اما ان ذاك خير لهم ان يطيعوه واني مخبركم عني أنا المسيح الدجال ، واني أوشك ان يؤذن لي في الخروج فأخرج فأسير في الأرض فلا ادع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة هما محرمتان عليّ كلتاهما ، كلما أردت ان ادخل واحدا واحدا منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها وان على كل نقب (١٣٠٠) منها ملائكة يحرسونها ، قال
__________________
(١٢٩٨) الغلمة : شهوة الضراب ، وغلم البعير هاج من شدة ذلك واستعماله في البحر من باب الاستعارة أي هاج وجاوز حده المعتاد.
(١٢٩٩) عين زغر : بزاي وغين وراء معجمتين مهملة ، بلدة معروفة في الجانب القبلي من الشام.
(١٣٠٠) النقب : الطريق.