والشهادة ، وتعليم المسلمين واحتياج الأوّلين إليه دون العكس ، فمثله كمثل الشمس لاتزيد ولاتنقص ، والأوّل كالقمر ينقص ويكمل ، والثاني كالسراج يحرق نفسه ويضيء غيره ». (١)
المقصد الثاني : في تفصيل ما يحمد من العلوم ويذّم
العلوم إمّا شرعيّة أي مستفادة من سفرائه تعالى تحيث لايستقلّ العقل بإدراكها.
أو عقليّة كالسحاب والهندسة.
أو تجربيّة كالطبّ.
أو سماعيّة كاللغة.
والمحمود من غير الشرعيّة ما ترتبط به مصلحة دنيويّة ، فإن كانت ممّا لايستغنى عنها في قوام أمور الدنيا كالطبّ الضروري في بقاء الأبدان ، والحساب الضروري في قسمة المواريث وغيرها ، وأصول الصناعات وغيرها ، فهي من الفروض الكفائية ، وإن كانت تفيد زيادة قوّة في القدر الضروري كالتعمّق في دقائق علم الطبّ والحساب كانت فضيلة لا فريضة.
وأمّا المذموم منها ، فإنّ العلم من حيث إنه معرفة للأشياء على ما هي عليه كمال ممدوح ، وعدمه نقص مذموم ، لكن عروض الذّم له من أحد وجوه :
أحدها : أداؤه إلى الاضرار بصاحبه أو بغيره ، كالسحر والطلسمات والشعبذة ، حيث يتوصّل بها غالباً إلى الأذيّات.
وثانيها : ورود النهي عنه في الشريعة كالنجوم ، وسرّه ـ كما قيل ـ أنّ غالب أحكامم حدسيّة تخمينيّة ، فذمّه لكونه جهلاً ، ولو كان علماً كان ممدوحاً.
__________________
١ ـ المحجة البيضاء : ١ / ٣٦ ـ ٣٧ ، منية المريد : ص ١٢٤ ـ ١٢٥ كلاهما نقلاً عن شقيق البلخي في تفسير الرازي.