وتجرّد تامّ ومحاذاة لما هو فوق التمام ، فإنّها كمرآة ينعكس إليها صور الموجودات من العقل الفعّال ، فلابدّ لها من خمسة أشياء :
عدم نقصان جوهرها ، فلا يكون كالصبيّ الغير القابل القابل لتحلّي (لتجلّي ظ) المعلومات.
وصفاؤها عن أخباث الشهوات. ونقاؤها عن الرسوم والعادات ، كما يعتبر في المرآة صقالتها عن الخبث والصدا.
ومن التوجّه التامّ إلى المطلوب فلا يكون له ما يشوّش الخاطر من أسباب التعيّش والعلائق الدنيويّة ، كما يعتبر في المرآة محاذاتها لذات الصورة.
ومن تخليتها عن التعصّب والتقليد ، كما يعتبر فيها ارتفاع الحاجب بينها وبين ذات الصورة.
ومن استحصال المطلوب من ترتيب مخصوص للمقدّمات المناسبة له بشرائطها كما يعتبر فيها العثور على الجهة التي فيها الصورة.
ومن استحصال المطلوب من ترتيب مخصوص للمقدمات المناسبة له بشرائطها كما بعتبر فيها العثور على الجهة التي فيها الصورة.
فبعد حصول الشرائط المذكورة ينتقش فيها عالم الملك والشهادة لتناهيه ، فيمكن الاحاطة به ، وعالم الملكوت والجبروت بقدر ما يمكنه بحسب مرتبته لكونها من الأسرار التي لا تدرك بالأبصار ، بل بعين البصيرة والاعتبار ، وما يلوح منها للنفس أيضاً متناه ، وإن كانت في نفسها ، وبالاضافة إلى علمه تعالى غير متناهية ، ومجموع ما ذكر من العوالم هو العالم الربوبي ، لانتساب الموجودات بأسرها إليه تعالى وهو العالم المحيط بكلها ، فلا تحيط به النفس لعدم تناهية ، بل تحصل له السعادة واللذّة بقدر استعدادها وقوّتها وما يحصل لها من التصفية والتزكية وتجلّي الحقائق والأسرار ومعرفة صفاته وعظمته ، ويكون سعة مملكته فيها بقدر المعرفة الحاصلة لها بذلك ، ولعدم تناهيه لا يستقرّ النفس في مقام يكون غاية لطلبها في الكمال والمعرفة أبداً.