بالمرة ، غاية ما في الباب ضعفها ونقصها في بعض المواد ، فتزيد وتهيّج بالتحريك والتهييج ، كما يلتهب النار الضعيف وتتوقّد بالتحريك أو المتواتر ، وقد نقل عن بعض الحكماء أنهم كانوا يخوضون في الأخطار العظيمة دفعاً لهذه الرذيلة وطلباً لما يقابلها من الفضيلة.
وعن عليّذ عليهالسلام : « إذا خفت أمرً فقع فيه ». (١)
وممّا يجرّىء المرء إكثاره ذكر الموت وأنه عاقبة كلّ حيّ وأن الآجال مقدّرة لا تزيد ولا تنقص.
فصل
من أعظم أنواعها الخوف من غير الله سبحانه ، سواء كان غير مقدور له مع كونه لازم الوقوع أو ممكن العدم ، أو كان مقدوراً له ناشئاً من سوء اختيار أو ما يتوحّذش منه الطبيعة بلا داع ظاهر كالجنّ والميّت وأشباههما سيّما مع الوحدة والظلمة ، فإنّ الخوف من ذلك كلّه خطا محض يقبح عند العقل لعدم فائدة في الاولى سوى تعجيل عقوبة مانعة عن تدبير مصالحه ، وكذا الثانية مضافاً إلى احتمال عدمه فلعلّ الله يحدث بعد ذلك أمراً ، فهو أجدر بعدمه ، وكون رفعه بيده في الثالثة وإن كان بعد الفعل ، وظنه حين الفعل بعدم ترتّب أثر السوء عليه ناش من حكمه بالامتناع المتفرّع على جهله ، كما أنّ ظنّه في الثانية ناش من حكمه بالوقوع ، ولو حكم في كلّذ منهما بما يقتضيه ذات الفعل أمن منهما ، وكونه في الرابعة من غلبة الواهمة المورثة للجبن ، فلابدّ من تحريك الغظبية وتهييجها حتّذى تغلب عليها العاقلة ، أو الالزام على نفسه تدريجاً بما يزيلها عنه.
قال الله تعالى : ( إنّما ذلكم الشيطان يخوّف أولياءه فلا تخافوهم ) (٢).
__________________
١ ـ نهج البلاغة : الحكمة ١٧٥ ، وفيه : « إذا هبت أمراً ».
٢ ـ آل عمران : ١٧٥.