مفارقة صديق وموت قريب أو رفيق ، والابتلاء بمصيبة أو بليّة فطالب العمر الطويل يطلب في الحقيقة هذه الآلام.
وإن كان من مرض جسماني لعلّه يعتريه بالموت فهو جهل منه ، إذ لا ألم جسمانياً بعد انقطاع علاقة النفس عن البدن ، بل ينقطع مواده بانقطاعها.
وكذا إن كان من تصوّر فنائه بالمرّة ، لأنّ النفس لاتفني بفناء البدن كما ذكرناه في صدر الكتاب ، بل ينقطع علاقتها به.
وكذا إن كان من تصور نقص يعتريه بسببه لما عرفت من أنه سبب وسرور أعدائهم بذلك وشماتتهم فإنه ناش من توهّم كونه سبباً لاستكمال الغير وهو ناش من نقصان عقله ، لأنّه تعالى هو الرزّاق ذوالقوّة المتين ، وهو الخالق للعباد الرؤوف بهم بهم المتكفّل لحوائجهم والمتمّم لنقائصهم ، وفيضه الأقدس لابدّ أن يصل إلى كل أحد يقدر استعداده ، وليس لأحد أن يغيّره عن الحدّ اللائق له ، فربّما يصل أيتام المساكين إلى أعلى المراتب الدنيوية ، ولايصل إلى أدناها أولاد السلاطين مع حشمتهم وغناهم ، فلو فوّض أمورهم إلى من خلقهم وربّاهم ووكلهم إلى ربّهم ومولاهم كان حسبهم ذلك الكفيل ، فإنه نعم المولى ونعم الوكيل.
وبالجملة فهذا الخوف من نتائج الجبن وضعف النفس ، وعلاجه بما ذكرناه هنا مع ما ذكرناه في دفع الجبن.
فصل
ومنها صغر النفس ، أي ملكة استعظام مايرد عليه من ملاذّ الدنيا