وفي الخبر أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : « كيف ترون من يسبّ أبوية؟ فقالوا : هل من أحد يسبّ أبويه؟ فقال : نعم يسبّ أبوي غيره فيسبّون أبويه ». (١)
وعلاجه : بعد تذكّر فساده وفضيلة ضدّه أن لايتبع خاطره ولا يغيّر قلبه وجوارحه عما كانت عليه قبل ذلك بل يزيد في التعظيم والتكريم والدعاء حتى يدفع الشيطان عن نفسه ويقنّطه ولو تكلّفاً إلى أن يصير له عادة.
فصل
الغضب كيفيّة نفسانيّة موجبة لحركة النفس إلى دفع الأذيات أو التشفّي بالانتقام ونحوه ، فإن كانت معتدلة كانت من فضيلة الشجاعة ، وإن خرجت عن الاعتدال إلى الافراط فهو من المهلكات ، وقد تشتدّ بحيث يمتلي لأجلها الدماغ والأعصاب من الدخان المظلم فيستر نور العقل ويضعف فعله ، فلا يؤثر في صاحبه الموعظة ، بل تزيده غلظة.
قيل (٢) : الغضب شعلة مقتبسة من نار الله الموقدة الّتي تطّلع على الأفئدة مستكنّة في طيّ الفؤاد كالجمر تحت الرماد ، تستخرجها حميّة الدين عن قلوب المؤمنين أو حميّة الجاهليّة والكبر الدفين في قلوب الجبابرة المترفين ، التي لها عرق من الشيطان اللعين ، حيث قال :
( خلقتني من نار وخلقته من طين ) (٣)
فشأن الطين السكون والتأنيّ ، وشأن النار التلهّب والتلظّي.
ثمّ إن صدر عن القادر على الانتقام مع استشعاره به احمرّ لونه من انبساط الدم من باطنه إلى ظاهره وهو الغضب الحقيقي ، وإن صدر عن العاجز عنه مع شعوره به اصفرّ لونه من الميل عن الظاهر إلى الباطن ، وهو
__________________
١ ـ جامع السعادات ، ١ / ٢٨٤ ، والمحجة : ٣ / ٣٧٧.
٢ ـ القائل هو أبو حامد الغزالي ، راجع المحجّة : ٥ / ٢٨٩ مع تغيير وتلخيص.
٣ ـ الأعراف : ١٢.