وإن كان الباعث فقد محبوب وفوت مطلوب ، فإن كان ممّا يمكن تحصيله والوصول إليه في ثاني الحال تمكّن منه بدون الغضب والاستعجال ، والا لم ينفعه غضبه على كلّ حال ، فلا فائدة فيه سوى زيادة الألم في العاجل وعقوبة الباري وسخطه في الآجل.
ومنها : الاستعاذة من الشيطان والجلوس إن كان قائماً والاضطجاع إن كان جالساً ، والوضوء أو الغسل بالماء البارد ، وإن كان على ذي رحم فليمسه ، لأنّ الرحم إذا مسّذت سكنت ، كما في الأخبار. (١)
تنبيه
كما أنّ الاعتدال في الغضب فضيلة والتعدّي عنه إلى الافراط مذموم ، فالانتقام الذي من نتائجه وآثاره المتفرّعة عليه كذلك أيضاً ، والاعتدال فيه الاقتصار على مارخّصه الشارع من القصاص في النفس والجوارح واسترداد ما أخذه من ماله بمثله وغير ذلك ممّا ورد له حدّ معيّن في الشريعة ، وإن كان العفو فيه أولى وأفضل.
وما لم يرد فيه حدّ معيّن يقتصر فيه على مالم يرد فيه منع بخصوصه بشرط أن يكون كذباً ، والتعدّي عنه إلى مالم يجوّزه الشرع كمقابلة الفحش والشتم والغيبة والبهتان وأمثالها بمثلها معصية.
وفي الخبر : « المستبّان شيطانان يتهاتران ». (٢)
وورد في الأخبار : « انّ البادي أظلم ووزر صاحبه عليه حتّى يعتدي المظلوم ». (٣)
ولاريب أنّذذ السكوت والعفو مطلقاً أفضل مالم ينجرّ إلى عدم الغيره والحميّة في الدين ، وأحوال الناس مختلفة في سرعة الغضب وزاله وبطئهما.
__________________
١ ـ راجع المحجة : ٥ / ٣٠٧ والكافي : ٢ / ٣٠٢.
٢ ـ المحجة البيضاء : ٥ / ٣١٥.
٣ ـ راجع الكافي : ٢ / ٣٢٢.