فصل
ومن نتائجه الحقد أيضاً ، أي العداوة الباطنة ، وإذا قويت ولم يقدر صاحبها على إضمارها أظهرها فصارت عداوة ظاهرة ، وهو من المهلكات العظيمة ، ويلزمه من الآفات الحسد والهجرة عن المحقود وأذيته بالضرب والشتم والغيبة والكذب والبهتان والشماتة والسخريّة وغيرها من المحرّمات ، وأدناه أن يحترز عن جميع ما ذكر ، لكن لايخلو بغضه عن باطنه ، وهو أيضاً مرض مولم للنفس مانع لها عن القرب إلى جناب القدس ، وعن الاتّذصاف بأوصاف المؤمنين من البشاشة والرفق والتواضع والقيام بحوائج الناس ومعاشرتهم.
قال الله تعالى : ( ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ). (١)
والأخبار في ذمّ كلا القسمين من العدواة كثيرة لاتحصى.
وعلاجهما : التذكّر لألمهما في العاجل وضررهما في الآجل ، ونفعهما بحال المحقود وعدم تضرّره منهما ، فلا يفعل ما يكون مضرّاً له نافعاً لعدوّه.
ثم لما دلّ على مدح ضدّهما أي النصيحة الظاهرة والباطنة من الأخبار وغيرها. ثمّ المداومة على آثارها من المصاحبة والرفق والانبساط والقيام بحوائج المحقود زيادة على مايفعله بأحبّائه جهاداً للنفس ، ورغماً لأنف الشيطان ، ويكرّر ذلك ولو تكلّفاً ، حتّى تزول تلك الملكة وتتبدّل بضدّها.
فصل
ومنها : العجب ، أي استعظام نفسه لما يرى لها من الكمال ، سواء اتّصف به في نفس الأمر أم لا ، وسواء كان كمالاً في الحقيقة أم لا ، وقيل : هو إعظا النعمة والركون إليها مع نسيان إضافتها إلى المنعم ، فلو تصوّر كونها من عطاياه تعالى يسلبها متى شاء لم يكن عجباً.
__________________
١ ـ الحشر : ١٠.