وكسالة الأعضاء ، وهو الفساد المحض المحظور شرعاً وعقلاً.
وتلخيص الكلام في المقام أنّ الخوف في نفسه نقص وعجز ، ينشأ من الجهل بعاقبة الأمور والشكّ فيها ، وإنما يعدّ كمالاً بالنسبة إلى ما هو أعظم نقصاً منه ، وكونه آلة لتحصيل كمالات اخر ، فلو لم يؤدّ إليها بل أدىّ إلى النقائص كفساد العقل وترك تحصيل المعارف والأعمال الحسنة كان فساداً محضاً ونقصاناً صرفاً. وقد ظهر ممّا ذكر أنّ أعظم أسبابه المهيجة له اليقين بالله ، وصدق مواعيده ، والتفكّر في أهوال القيامة ، وأصناف مكاره الآخرة ، وعسر الثبات على الحقّ ، وعظم خطر الخاتمة ، وكثرة تقلّبات القلوب ، واستماع النذر وحكايات خوف الأنبياء والملائكة ، وكمّل الأولياء المسطورة في السير والآثار والاهتمام في زيادة المعرفة بالله ، وصفات جلاله وعظمته تعالى.
تذنيب
لسوء الخاتمة أسباب ، أعظمها غلبة الجحود أو الشكّ في بعض العقائد أو كلّها أصالة أو سراية عند سكرات الموت فيقبض الروح على تلك الحالة الحاجبة بينه وبين ربّه ، الباعثة لحرمان الأبد والعذاب المخلّد ، ونعني بالسراية أن يعتقد في ذاته تعالى وصفاته خلاف الواقع بالدليل أو التقليد ثمّ من جهة كون حالة الموت حالة كشف الغطاء ينكشف له في تلك الحالة فساده ، فيشكّ بسببه في سائر عقائده الحقّة كما نقل عن الفخر الرازي أنّه بكى يوماً ، فسئل عن سببه ، فقال : « قد ظهر لي اليوم بطلان ما اعتقدته منذ سبعين سنة ، فلا أدري أنّ حال سائر ما اعتقدته أيضاً كذلك أم لا ». (١)
وإنّما يتّفق هذا القسم للخائضين في غمرات الشكوك والشبهات والآخذين عقائدهم من بضاعتهم المزجاة من دون تثبّت لهم فيه لقصورهم عن درك حقائق الأمور على ما هي عليه في نفس الأمر وتعارض الأدلّة
__________________
١ ـ جامع السعادات : ١ / ٢٣٤.