لصاحبها فيها غير حبّ الله موطّنا نفسه على الموت لرضاه بائعاً دنياه بأخراه ، لامجرّد القتل ظلماً أو بجهاد يكون لدنيا يصيبها أو امرأة يأخذها.
فقد بان أنّ ما ذكر من أسباب الختم مع تفاوت مراتبها في الخطر مشتركة في كونها من أحوال القلب وأنّ من زهق روحه على شيء من الخواطر المذمومة كالعقد الفاسدة وكراهة ما قدّر الله له والميل إلى الشهوات الدنيوية فقد ضلّ ضلالاً بعيداً ومن زهق روحه على شيء من الخواطر المحمودة بأن يكون قلبه متوجّهاً إلى الله سبحانهمع الميل إلى الأعمال الصالحة فقد فاز فوزاً عظيماً وظهر أنّه كان سعيداً ، فلابدّ لمن لا يأمن مكر الله ويخاف من سوء الخاتمة من استدامة الخواطر المحمودة في قلبه ، وصرف الهمّة نحو قلع حبّ الشهوات عن نفسه ، والمواظبة على تحصيل المعارف والحسنات حتّى يصير استحضار صورها والميل إليها ملكة راسخة في قلبه.
فصل
الرجاء ارتياح القلب لانتظار محبوب وتوقّع مطلوب ، وهو لترتّبه على قوّة القلب وبعثه إلى الفعل من حيث الرغبة أقرب إلى إفراط الغضبية ، كما أنّ الخوف الممدوح لترتّبه على ضعفه وبعثه إلى الترك من حيث الرهبة أقرب إلى تفريطها ، ولذا أمر بجمعهما معاً وتحصيل المساواة بينهما حتى تحصل ملكة الاعتدال التي هي فضيلة قوّة الغضب.
قال الله تعالى : ( يدعون ربّهم خوفاً وطمعاً ) * (١) ( يدعوننا رغباً ورهباً ). (٢)
وفي وصيّة لقمان لابنه : « خف الله خيفة لو جئته بعبادة الثقلين لعذّبك ، وارج الله رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك ». (٣)
__________________
١ ـ السجدة : ١٦.
٢ ـ الأنبيا : ٩٠.
٣ ـ الكافي : ٢ / ٦٧ ، كتاب الايمان والكفر ، باب الخوف والرجاء ، ح ١ ، وفيه : « لو جئته ببرّ الثقلين ».