تنبيه
قد ظهر لك أنّ هذه الملكة من نتائج كبر النفس واليقين معاً ، فهي من فضائل القوّة العقلية لترتّبها على كمال المعرفة واليقين والقوّة الغضبية لتفرّعها على كبر النفس وقوّتها ، وضدّها أعني دناءة الهمّة مترتّبة على ضدّيهما أعني الجهل وصغر النفس. وعلجها بعد التذكّر لشرفها وكمالها برفع أسبابها وتحصيل أسباب ضدّها ممّا أشرنا إليه سابقاً.
فصل
ومنها : الغيرة والحميّة ، أي السعي في حفظ ما ينبغي حفظه عقلاً وشرعاً ، وهي من نتائج الشجاعة وقوّة النفس ومن شرائف الصفات ، وبها يتحقّق الفحليّة.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « إنّ سعداً لغيور ، وانّي لأغير من سعد ، والله أغير منّي ». (١)
وقال صلىاللهعليهوآله : « إنّ الله لغيور ولأجل غيرته حرّم الفواحش ». (٢)
وعن الصادق عليهالسلام : « إنّ الله تبارك وتعالى غيور يحب الغيرة ، ولأجل غيرته حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ». (٣)
ثم الغيرة في الدين حفظه عن بدع المبدعين وشبه الجاحدين والسعي في ترويجه ونشر أحكامه وإجرائها بين الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعدم المسامحة في ذلك بالخوف من لوم لائم وعذل عاذل.
وفي العيال عدم الغفلة عن المباديء التي يخشى غوائلها بحفظ الحريم عن الأجانب وما يحتمل أن يؤدي إلى فتنة أو فساد ، والسلوك معهن بما فصل
__________________
١ ـ المحجة البيضاء : ٥ / ٢٩٨.
٢ ـ جامع السعادات : ١ / ٢٦٥.
٣ ـ المحجة البيضاء : ٣ / ١٠٣ ، نقلاً عن الكافي : ٥ / ٥٣٥ ، وفيهما « لغيرته » و « ظاهرها وباطنها ».