طبقات الناس بأسرهم لايتمّ الا بهما ، وهما من أظهر صفات المرسلين ، وأشرف أعمال الصدّقين ، ومن تتبّع كتب السير والتواريخ والأخبار اطّلع على قليل ممّا ظهر من أشرف الأنبياء وذرّيته البررة الأوصياء المصطفين سلام الله عليهم من غرائب آثار هاتين الصفتين.
فصل
ومنها هضم النفس واستحقارها ، وهو ضدّ العجب ، فكلّ من بلغ إلى مرتبة عالية فقد بلغها بهذه الصفة ، ومالم يعلم الانسان فقدانه لصفة كمال لم يرغب إلى تحصيلها ، ولم يحنّ إلى طلبها ، والأخبار في اتّصاف المؤمن به وأنّه تعالى يحبّ المنكسرة قلوبهم أكثر من أن تحصى وإن ضمّ إليه استعظام الغير كان تواضعاً ، وهو ضدّ الكبر ، وهو من أعظم صفات المؤمن.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ». (١)
وقال عيسى بن مريم عليهالسلام : « طوبى للمتواضعين في الدنيا ، هم أصحاب المنابر يوم القيامة ». (٢)
وأوحى الله تعالى إلى داود : « يا داود! كما أنّ أقرب الناس إليّ المتواضعون كذلك أبعد الناس عنّي المتكبّرون ». (٣)
وقال الصادق عليهالسلام : « التواضع أصل كلّ شرف نفيس ، ومرتبة رفيعة ... والتواضع مايكون لله وفي الله ، وماسواه مكر ، ومن تواضع لله شرّفه الله على كثير من عباده ـ إلى أن قال ـ وأصل التواضع من إجلال الله وعظمته وهيبته ، وليس لله عبادة يرضاها ويقبلها الا وبابها التواضع ، ولايعرف ما في حقيقة التواضع الا المقرّبون من عباده ، المتّصلون بوحدانيّته » قال الله
__________________
١ ـ المحجة البيضاء : ٦ / ٢١٩.
٢ ـ المحجة البيضاء : ٦ / ٢٢٠.
٣ ـ الكافي : ٢ / ١٢٣ ـ ١٢٤ ، كتاب الايمان والكفر ، باب التواضع ، ح ١١ ، وفيه : « إلى الله » ومن « من الله » « إلىّ » و « عنّي ».