فصل
ثاني الجنسين الخمود وهو سكون النفس عن تحصيل الضروري منها بحيث يؤدّي إلى سقوط القوّة تضييع العيال وانقطاع النسل ، وهو رذيلة ، لأنّ المقصد الأصلي هو الوصول إلى السعادة ولاتحصل الا باكتساب المعارف واقتناء الفضائل وأداء الطاعات المتوقفة على قوّة البدن المتوقّفة على تحصيل الضروري من المأكل والملبس والمسكن ، وربّما توقّفت في بعض الأحيان وابالنسبة إلى بعض الأشخاص على حصول فراغ لها عن أمور المعيشة من الطحن والكنس والخبز وغيرها الغير المنتظمة الا بالتزويج ، مع ما فيه من بقاء النسل ودوام وجود آثار صنعه تعالى ومقايسة لذات الآخرة بها ، إذ لايمكن الخوف ولا الشوق الا بإدراك لذّة وألم ، ولايتصوّران في عالم الحسّ الا بالجسمانيّات المشابهة لللذّات والآلام الأخروية ، فيقاس بلذّة الجماع الحسّي الذي هو أقوى اللذّات الجسمانية ، وألم النار المحسوس الذي هو أعظم آلامها لذّات الآخرة وآلامها.
مع ما فيه من امتثال أمر الرسول بالتزويج طلباً لزيادة الامّة ، فيباهي بها سائر الأمم وطلب الخيرات الباقية بعد الممات من الأعمال الصالحة والآثار الحسنة الصادرة عن الأعقاب وشفاعة صغارهم الأموات ، كما ورد في الأخبار والتحصّن من وساوس الشيطان بقلع خطرات الشهوة عن القلب ، كما قال صلىاللهعليهوآله : « من تزوّج أحرز نصف دينه ». (١) وترويح النفس وأيناسها بالنظر وغيرها تقوية للقلب على العبادة ، فإن النفس ملولة عن الحقّ نفور على ما يخالف طبعها (٢) ، فلو واظب الانسان على إكراهها على ما يخالفها جمحت ولو روّحت باللذّات أحياناً قويت وتشطت. ولذا قال تعالى :
__________________
١ ـ المحجة البيضاء : ٣ / ٥٥ نقلاً عن الكافي : ٥ / ٣٢٩.
٢ ـ في المحجة البيضاء (٣ / ٦٧) : فإنّ النفس ملولة وهي عن الحقّ نفور لأنّه على خلاف طبعها.