ولا خلف لو عده ، ولا مانع له عن فضله وجوده ، فإذا حصلت له المعرفة التأمة بذلك حصل له التوكل والاعتماد على الوهاب الجواد ، فليبادر بعده إلى العلاج العملي بالتوسط في أمر المعيشة والاقتصاد حتى لا يحتاج إلى المشقة الزائدة في تحصيله والاجتهاد ، ولذا ورد في مدح الاقتصاد أخبار كثيرة غنية عن الايراد ، وليكن نظره دائماً إلى من هو دونه ، دون من هو فوقه ، حتى يحصل له الرغبة في التشبه به.
قال أبوذر رضياللهعنه : « أوصاني خليلي رسول الله صلىاللهعليهوآله أن النظر إلى من هو دوني لا إلى من هو فوقي في الدنيا ». (١)
فصل
الطمع أيضاً من شعبه وهو التوقع لما في أيدي الناس من الأموال من غير استحقاق ولا عوض ، وهو من رذائل الحرص إذا انضم إليه البطالة الجهالة بحكمة الله وهو الرقية بالمعنى الأخص.
وقد أشرنا إليها سابقاً ، وذكرنا أنها من الرذائل المهلكات المؤدية إلى الاتيان بالمناهي والمحرمات في وجوه المعاشرات والمعاملات ، مضافاً إلى ما فيه من الذل والمهانة والعبادة لمن هو دونه أو مثله في الحاجة.
قال النبي صلىاللهعليهوآله : « إياك والطمع ، فإنه الفقر الحاظر ». (٢)
وعن علي عليهالسلام : « استغن عمن شئت تكن نظيره ، وارغب إلى من شئت تكن أسيره ، وأحسن إلى من شئت تكن أميره ». (٣)
وعنه عليهالسلام : « المنية ولا الدنية والتقلل ولا التوسل ». (٤)
مع ما فيه من سلب التوكل والوثوق بالله تعالى والاعتماد على نظائره
__________________
١ ـ المحجة البيضاء : ٦ / ٥٨ ، « أي في الدنيا » والتفسير من أبي حامد.
٢ ـ جامع السعادات : ٢ / ١٠٦.
٣ ـ جامع السعادات : ٢ / ١٠٦.
٤ ـ نهج البلاغة : الحكمة : ٣٩٦.