حال وجود المال ، ولمّا أيقنوا بخلاصه (١) وصرف الأموال بالكلّية في مصاحبتهم وأنه لم يبق شيء بالمرّة تجنّبوا عنهم وأنكروا معرفتهم وصاروا كأنّهم لم يروهم ولم يعرفوهم أبداً ، فباتوا في أسوء عيش وأذلّة مع شماتة الأعداء والأقران وتواتر الهموم والأحزان وآلت بهم إلى ضياع الأهل والعيال ، وتلف النفس على أسوء حال ، ومحو آثار سلسلتهم عن صفحة الزمان الغدّار ، فجمعوا بين خسران هذه الدار والحرمان عن سعادة دار القرار.
وبعد ذلك يبادر بالعلاج العملي بتقديم الفكر والتروّي في وجوه الانفاق وإمساك اليد عمّا لايليق بالاطلاق حتّى يتّصف بصفة الأحرار ويتحلّى بحلية الاقتصاد الممدوح في الأخبار والمحمود بحسب الاعتبار ، ويتحصّل فضيلة الجود والسخاء التي هي من شيم الأنبياء والأوصياء.
فصل
من رذائل القوّة الشهويّة ملكة كلّ معصية متعلّقة بها كالزنا واللواط وشرب الخمر واستعمال آلات الملاهي من العود والدفّ والغناء غيرها من الشهوات المحرّمة ، وقد ورد النهي من كلّ منها بخصوصه ، وفصّلت أحكامها في الكتب الفقهية فلا حاجة إلى ذكرها.
وعلاجها بالتوبة وتذكّر ما ورد من النهي والعقوبة والتخويف عليها ، والمواظبة على الطاعات سيّما الصلاة ، فإنّها تنهى عن الفحشاء والمنكر.
ومنها : الخوض في الباطل ، أي التكلّم في المحظورات الحاصلة في سالف الزمان بدون داع له سوى التشهّي فلا يدخل فيه مثل الغيبة والنميمة والفحش والمراء ممّا له داع مخصوص ، وليس له حدّ مخصوص ، لأنّ أنواع الباطل لاتحصى ، فكذا الخوض فيه وكلّه آفة للنفس ومؤدّ إلى هلاكها
__________________
١ ـ مراده من الخلاص نفاد المال واستهلاكه ، وكأنّه مصطلح فارسى.