المقام الثاني
في بيان معظم الفضائل المختصّة بالقوّة الشهوية
وفيه فصول
فصل
جنس الفضائل المزبورة هو العفّة ، وهي انفياد القوّة الشهوية للعاقلة في ما تأمرها به وتنهاها عنه وهي الوسط المحمود فيما بين الشره والخمود ، لما عرفت من أنّ هذه الفضائل الأربع عبارة عن اعتدال كلّ من القوى الثلاث أو جميعها ، ولاينافيه ماورد في فضل الجوع ، بل يؤكّده ويحقّقه ، فإنّ الحكيم إذا علم كون الطبيعة حريصة وباعثة على الإفراط حثّ على التفريط حتّى يحصل من تدافعهما ملكة الاعتدال.
ولذا ورد في مدح العفاف أخبار لاتحصى.
قال أميرالمؤمنين عليهالسلام : « أفضل العبادة العفاف ». (١)
وقال الباقر عليهالسلام : « ما من عبادة أفضل من عفّة بطن وفرج ». (٢)
وقال الصادق عليهالسلام : « أيّ الاجتهاد أفضل من عفّة بطن وفرج » (٣) إذ قد علمت أن المقصود من الأكل والشرب والجماع حفظ قوام البدن وبقاء النوع ، وأنّها ليست مقصوده لذاتها ، فالاعتدال في كلّ منها هو حصول غايته مع قصد تلك الغاية دون التلذّذ والشهوة ، وقد مرّ في النبوي تعيين الكمّ الضروري من الأكل.
__________________
١ ـ الكافي : ٢ / ٧٩ ، كتاب الايمان والكفر ، باب العفّة ، ح ٣.
٢ ـ الكافي : ٢ / ٨٠ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب العفّة ، ح ٧.
٣ ـ الكافي : ٢ / ٧٩ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب العفّة ، ح ٤ ، وفيه : « عن الباقر عليهالسلام.