والعلم الكافل لشعب ما جاء به نبيّنا الصادع بالحق ووصيّه وأو لاده الأطهرون سلام الله عليهم علم الفقه ، ولكن جملتها مقصورة على الوضع تتقلّب بتقلّب الأيّام وتتبدّل بتبدّل أهل الملل والنحل والدول من الأنام.
ولذا خرجت تفاصيلها عن أقسام الحكمة العملية لتفحّصها عن القوانين الكليّة التي لا يتطرّق إليها التغيير ، كما لايخفى على الفطن البصير ، لكنّها إجمالاً من أقسامها كما تبيّنت في مقامها
فصل
لما كان موضوع هذا العلم نفس الإنسان من حيث يصدر عنها الجميل والقبيح بحسب الارادة ويستحقّ بها المدح والذمّ وإطلاق لفظ الشقاوة والسعادة ، فلابدّ من معرفة النفس وقواها إجمالاً من باب المبادىء وإن كان التفصيل فيه موكولاً إلى الطبيعي.
فنقول : النفس ما يعبّر عنه كل أحد بأنا وأنت وأمثالهما ، ولاشك في مغايرتها للبدن ، لأن الإنسان يغفل عن كل شيء حتى أجزاء بدنه الا عن نفسه ، ولأن البدن يتغيّر عما كان عليه من الكيف والكمّ ، ولا تغيّر لها من حين تمييزها للأشياء إلى أن يموت.
وحدّها : أنّها جوهر ملكوتي مجرد يدرك المعقولات وله تصرف في الهيكل المحسوس بتوسّط القوى والآلات.
والدليل على جوهريتها وتجردّها كونهامحلاً للمجردات كالمعانى الكلّية من المعقولات ومحلّية العرض لها محال ، وكذا الجسم لكونه ذا وضع يقبل الانقسام ،فيلزم أن يكون الحال كالمحل فلا يكون مجرّداً ، هذا خلف ، ولعدم زوال الصور الحالّة فيها بطريان غيرها عليها ، بل يعينها ، ولا كذلك الجسم لزوال كلّ شكل منه بطريان آخر ، ولمخالفتها للماديات في الآثار والخواص ، وهي وإن كانت حادثة بحدوث البدن ، لكنّها باقية بفنائه لعدم