فصل
السخاء ملكة شريفة بها يسهل الانفاق فيما يليق به ، وكفاه فضلاً كونه من أظهر صفات الأنبياء والأوصياء ، كما قال الكاظم عليهالسلام :
« ما يعث الله عزّوجلّ نبيّاً ولا وصيّاً الا سخيّاً ، ولا كان أحد من الصالحين الا سخيّاً » (١).
فلا يكفي مجرّد الانفاق إذا لم يكن عن طيبة نفس ، بل يكون حينئذ متسخيّاً الا أنه سبيل للوصول إليه ، إذ لاتحصل الملكة الا بتكرّر الفعل تكلّفاً حتّى يعتاد عليه.
ثم إنّ له مراتب كثيرة ، فمن أدّى واجب الشرع والمروّة ، [ والعادة ] (٢) ممّا يستقبح المضايقة فيها عرفاً كان في أوّل درجة من السخاء ، ثم يترقّى بالازدياد بقدر ما يتّسع له نفسه طلباً للفضيلة على درجات مختلفة باختلاف قدر المال وحاجة المحتاجين وفضلهم وورعهم وقرابتهم وغير ذلك ، ويسمّى في جلمة هذه الدرجات جواداً إذا كان قصده مجرّد الفضيلة دون الأغراض الدنيوية من الخدمة والثناء وغيرهما ، وأرفعها الإيثار ، كما قال تعالى :
( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ). (٣) وإيثار علي عليهالسلام لنفس رسول الله صلىاللهعليهوآله على نفسه في ليلة المبيت على الفراش وسائر معاركه وغزواته مشهور ، حتّى أنزل الله في حقّه :
( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله ). (٤)
وكذا إيثاره عليهالسلام لقوته في ثلاث ليال متواليات حتّى أنزل الله فيه :
( ويطعمون الطعام على حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً ). (٥)
__________________
١ ـ الكافي : ٤ / ٣٩ ، كتاب الزكاة ، باب معرفة الجود والسخاء ، ح ٤.
٢ ـ ساقط من « ب ».
٣ ـ الحشر : ٩.
٤ ـ البقرة : ٢٠٧.
٥ ـ الانسان : ٨.