شبهة ولعلّه لكراهته ، والمكروه يشبه المحرّم.
أو لوا حقه كبيع العنب من الخمّار وغيره ممّا يفضى إلى المعصية وفيه خلاف بين الأصحاب ، والأخبار مختلفة ، والتفصيل يطلب من محلّه فالورع على القول بالحلّ والجواز آكد.
أو مقدّماته كالأكل من شاة معلوفة بالحرام أو مرعيّة في مرعى حرام ، وقد اهتمّ السلف في مراعاة الورع في هذا النمط ويظهر من الأخبار شدّة الاهتمام بشأنه أيضاً. وفيه مراتب : أشدّها ما بقي أثره في المتناول أو في عوضه كالمبتاع في الذمّة المؤدّى ثمنها من غصب أو حرام وله أيضاً درجات يشتدّ في بعضها ، والورع في كلّها مهمّ.
الرابع : تعارض الأدلّة المقتضية للحلّ أو الحرمة من الأدلة الشرعية ، كتعارض نصّين أو عمومين وغيرهما ، فإن لم يتمكّن من الاجتهاد أو من الترجيح كان الورع واجباً ، وإن رجّح ما يخالفه تأكّد فيه الورع. وله أيضاً درجات شتّى مثل ما يقوى فيه دليل المخالف وفي الترجيح دقّة وغموض ، وما يتاخم الوسواس كالزبيب المطبوخ في الطعام خوفاً من كونه عصيراً محرّماً ،
أو الامارات المتعارضة كخبر عدل بالحرمة والآخر بالحلّ أو فاسقين بهما وهذا ممّا يستحسن فيه الورع ، وله أيضاً درجات في الشدّة والضعف
أو الاشتباه في الصفات التي بها يناط الحكم كأن يوصى لفقهاء البلد فيعلم أنّ المتبحّر في الفقه داخل فيه ، والمبتدي المشتغل بالتعلّم منذ يوم أو شهر لايدخل فيه ، وبينهما درجات لاتحصى ، فيقع الشكّ في بعضها والورع في الاجتناب ، ولعلّه أغمض مثارات الشبهة ، لأن بينها صوراً يتحيّر المفتي تحيّراً لازماً لا محيص له عند فيها ، إذ يكون المتّصف بالصفة في درجة متوسّطة بين المتقابلين لا يظهر ميله عن أحدهما إلى الآخر ، وكذا الصدقات المصروفة إلى المحتاجين فمن لاشيء له محتاج يقيناً ، ومن له مال كثير غني كذلك ، ومن له بعض الأثاث والأشياء من الثياب الدار والكتب وغيرها