الكمال الذي تخيّله فيه حتّى صار باعثاً له على التقرب.
والثالث إن كان كاذباً أو شاكّاً في نسبه لم يحلّ له أخذه ، وقلّ ما يوجد من لو كشف من باطنه بقيت القلوب مائلة إليه ، وإنما حبّب الخلق إلى الخلق سترا لله تعالى عنهم ، والتقوى خفيّ ليس كالعلم والفقر والنسب.
وأمّا قصد المال كالفقير يهدي إلى الغني طمعاً فهو حلال مع تحقّق المطموع فيه ، والأخبار دالّة عليه أيضاً.
وأمّا الاعانة بالفعل المعيّن كالمهدي إلى خاصّة السلطان لغرض معيّن إن (فإن ظ) كان المقصود منه حراماً كالحكومة والظلم وغيرهما حرم الأخذ.
وإن كان واجباً كدفع ظلم متعيّن على القادر عليه أو أداء شهادة فكذلك وهي الرشوة بعينها ، كالقاضي يأخذ الرشوة على الحكم بالحقّ لصاحبه.
وإن كان مباحاً جاز الأخذ وكان كالجعالة كالوكيل للخصومة بين يدي القاضي إن لم يسع في حرام.
وإن كان المقصود يحصل بكلمة لا تعب فيها لكن من ذي الجاه ، حتّى تفيد ، كقول الوزير لبوّاب السلطان لاتمنعه عن الدخول ، فقيل : إنّه حرام لأنه عوض عن الجاه ، ولم يثبت جوازه في الشرع. (١)
قال : ونحوه أخذ الطبيب العوض على تعليم دواء ينفرد بمعرفته ، فإن عمله في التلفّظ غير متقوّم كحبة من سمسم فلايجوز العوض عليه ، ولا على علمه لعدم انتقاله منه إلى الغير ، وإنّما يحصل له مثله.
أقول : وفيه نظر
__________________
١ ـ قائل هذا القول وكذا الذي بعده هو أبو حامد الغزالي كما في المحجة البيضاء (٣ / ٢٧٦) وقال الفيض رحمهالله بعد الثاني : ولي فيه نظر ، بل وفيما قبله أيضاً.