وإن كان طلب المحبّة في عينها (١) طلباً للتودّد والاستيناس فهو مقصود للعقلاء مستحبّ شرعاً.
فعن أميرالمؤمنين عليهالسلام : « لأن أهدى إلى أخي المسلم هديّة أحبّ إليّ من أن أتصدّق بمثلها ». (٢)
وقال النبي صلىاللهعليهوآله : « تهادوا تحابّوا تذهب بالضغائن ». (٣)
فهذه هي الهدية المحلّلة.
وإن كان طلب المحبّة لا للانس من حيث هو انس بل ليتوصّل إلى أغراض غير محصورة النوع ، وإن انحصر جنسها ولولا جاهه لما أهدى إليه ، فإن كان جاهه لعلم أو نسب فهو وإن جاز وكان أخفّ ، لكنّه مكروه لمشابهته بالرشوة ، فالورع في مثله ممدوح ، وإن كان لولاية تولّاها من قضاء وولاية صدقات أو جباية مال أو غيره من الأعمال السلطانية فهو رشوة في صورة الهدية ، والأخبار صريحة في المنع عنه.
ففي الخبر : « أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله بعث والياً إلى صدقات الأزد ، فلمّا جاء أمسك بعض ما معه وقال : إنّه هديّة لي ، فقال صلىاللهعليهوآله : هلّاً جلست في بيتك وبيت أبيك وبيت أمك حتى يأتيك هديّة إن كنت صادقاً ثمّ قال : ... والذي نفسي بيده لا يأخذ منكم أحد شيئاً بغير حقّه الا أتى الله يحمله ، ولا يأتينّ أحدكم يوم القيامة ببعير له خوار أو شاة تبعر. ثم رفع يديه إلى السماء حتّى رأيت بياض ابطيه ثم قال : اللّهمّ هل بلّغت ». (٤)
فلابدّ أن يقدّر نفسه في بيت أبيه وأمّه فما كان يهدى بعد العزل في بيت أمّه جاز له الأخذ في ولايته ، وما علم أنّه لأجل ولايته ولو عزل صرف
__________________
١ ـ كذا ، وفي المحجة البيضاء (٣ / ٢٧٣) ... ما يقصد به المحبّة وجلبها ...
٢ ـ الكافي : ٥ / ١٤٤ ، كتاب المعيشة ، باب الهدية ، ح ١٢ مع اختلاف.
٣ ـ الكافي : ٥ / ١٤٤ ، كتاب المعيشة ، باب الهدية ، ح ١٤ ، وفيه : « تهادوا تحابّوا ، تهادوا فإنّها تذهب بالضغائن ».
٤ ـ المحجة البيضاء : ٣ / ٢٧٤ ـ ٢٧٥.