المقام الأوّل
في الرذائل ومعالجاتها
وفيه فصول
فصل
الحسد عبارة عن كراهة النعمة الحاصلة للغير ممّا يظنّ أنها مصلحة له من حيث إنها كذلك ، وبالأوّل يخرج الغبطة كما أنّ بالأخير يخرج الغيرة ، وله بواعث كثيرة.
منها : ما يؤول إلى رذالة القوّة الشهوية ، كحبّ الجاه والمال وغيرهما من الشهوات الدنيوية ، وشدّة الحرص عليها ، فيحبّ أن يكون له ما حصل لغيره منها ، أو يزول عنه حتّى يتفرّد به.
والخوف (١) من فوت المقاصد كما يتّفق للمتزاحمين على أمر واحد كتحاسد الضرّات في الزوجية ، والاخوة في نيل المنزلة عند أبويهم ، والتلامذة عند استذهم ، وخواصّ الملك في التقرّب لديه ، وعلماء بلدة واحدة في نيل الجاه أو غيره.
أو البخل ، فإنّ من الناس من يفرح بابتلاء جميع الناس بأنواع المحن ، ويحزن من سعة عيشهم وحسن حالهم بدون باعث ظاهر من عداوة أو توقّع نفع أو وصول مكروه وغيرها ، بل يبخل بنعمة الله على عباده من دون غرض ، وهذا أخبث الحسّاد وأسوأهم.
ومنها : ما يؤول إلى الغضبية كالعداوة والبغضاء لكون الطباع مجبولة
__________________
١ ـ كذا والظاهر « أو الخوف ».