لم يكن فيه حرج ، وإن كان معهما فهناك موضع خطر ، إذ زوال النقصان إما بالوصول إلى نعمة المغبوط أو زوالها عنه ، فإذا انسدّ أحدهما مالت النفس إلى الآخر ، إذ لايبعد أن يكون المريد للمساواة ، العاجز عنها منفكّاً عن الميل إلى زوالها عنه حتّى يزول نقصانه عنه به ، فإن كان بحيث لو فوّض الأمر إليه سعى فيه كان حسداً مذموماً وإن منعه العقل عنه لكن يجد من طبعه الفرح والسرور بزوالها عنه كان أيضاً حسداً مذموماً الا أن يكون مبغضاً لنفسه على تلك الحالة مجاهداً لها في دفعها ، فيكون معفوّاً عنه ـ انتهى ملخّصاً (١) فتأمل.
فصل
النميمة نوع من إفشاء السرّ وهتك الستر ، أعني ما يتضمّن فساداً ، والسعاية أخصّ منها ، أي ما كان المحكي له من يخاف جانبه كالحكام والظلمة ، فإن كان الباعث عليها العداوة كانت من رذائل الغضبية من طرف الافراط ، أو الطمع كان من رذائل الشهوية منه أيضاً ، وربما تصدر عن فضول في الكلام تشهيّاً واهترازاً للنفس بها من دون باعث خاص ، وحينئذ يكون منها من باب رداءة الكيفية. وربما تعمّم بحيث يشمل وجوه الإعلام بأسرها من الكتابة والكناية والاشارة وغيرها ، وهي من قبائح الأعمال وفضائحها ، الا إذا كانت مشتملة على نفع مسلم أو دفع أذى عنه أو المنع عن معصية قال الله تعالى : ( همّاز مشّاء بنميم ). (٢)
( ويل لكلّ همزة لمزة ). (٣)
وعن النبي صلىاللهعليهوآله : « لمّا خلق الله الجنّة قال لها : تكلّمي ، قالت : سعد من دخلني ، فقال الجبّار جلّ جلاله : وعزّتي وجلالي لايسكن فيك ثمانية نفر من الناس : لايسكنك مدمن خمر ، ولا مصرّ على الزنا ، ولا قتّات وهو
__________________
١ ـ جامع السعادات : ٢ / ١٩٧ ـ ١٩٨.
٢ ـ القلم : ١١.
٣ ـ الهمزة : ١.