من إخواني يبلغني عنه الشيء الذي أكرهه ، فأسأله عن ذلك فينكر ذلك وقد أخبرني عنه قوم ثقات؟ فقال : لي : « يا محمد كذب سمعك وبصرك عن أخيك ، فإن شهد عندك خمسون قسامة وقال لك قولاً فصدّقه وكذّبهم ، لا تذيعنّ عليه شيئاً تشينه به وتهدم مروء ته فتكون من الذين قال الله تعالى : ( إنّ الّذين يحبّون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ... الآية ). (١)
فصل
الشماتة هي إظهار المسرّة بمساءة الغير ، فإن كانت من العداوة والحسد كانت من رذائل الغضبيّة ، وإن كانت من الميل إليها بدون باعث فهي من رداءة الشهوية ، وهي من أعظم أنواع الأذية. والتجربة شاهدة مضافاً إلى الأخبار بأنّ الشامت لايخرج عن الدنيا حتى يبتلى بمثلها ، على أنّ ابتلاءه بالمصائب لايدلّ على سوء حاله ، بل ربّما دلّ على عدم استدراجه وكونه مرحوماً بها حتّى جعلت كفّارة لمعاصيه ، أو سبباً لرفع درجاته في الآخرة ، فإنّ الدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر ، ولذا ترى أنّ أعظم المصائب ينزل بالأنبياء فالأولياء ، ثمّ الأمثل فالأمثل في درجات العلى.
وعلاجها برفع بواعثها والتأمّل فيما يترتّب عليه من الابتلاء بمثلها كما يشهد به التجربة والاعتبار ، مضافاً إلى الأخبار ، وأنّه لايرضى بشرّ الناس مطلقاً الا الشرير ، كما تقدّم ، ثم تكليف نفسه على سبيل القهر والتعنيف على ترك هذه الخصلة الخبيثة وفعل ما يضادّها من الحزن والمساءة وغيرهما حتّى تعتاد نفسه عليه.
فصل
السخرية والاستهزاء أي محاكاة أقوال الناس وأفعالهم وصفاتهم قولاً
__________________
١ ـ الوسائل : كتاب الحج ، الباب ١٥٧ من أبواب أحكام العشرة ، ح ٤ ، والآية في سورة النور : ١٩.