وعن النبي صلىاللهعليهوآله : « المستهزىء بين الناس يفتح لأحدهم باب من الجنّة ، فيقال له : هلمّ هلمّ فيجيء بكربه وغمّه ، فإذا أتى أغلق دونه ، ثم يفتح له باب آخر فيقال له : هلمّ هلمّ فيجيء بكربه وغمّه فإذا أتى أغلق دونه ، فمايزال كذلك حتى يفتح له الباب ويقال له : هلمّ هلمّ فما يأتيه » (١).
وأمّا من يجعل نفسه مسخرة أي يسرّ بأن يسخر به الناس فهو وإن كان كالقسم الثاني في الظلم على نفسه ، لكن فعل ما يؤذن بإيذائه وتحقيره محرّم.
وعلاجه كما تقدّم. على أنّ من تفكّر فيما صدر ويصدر عنه من سيّئات الأعمال وتأمّل في حقيقة حاله يوم القيامة وما أعدّ له فيه من الشدائد والأهوال كان بأن يشغله الضحك على نفسه تارة ، والبكاء عليها أخرى أحقّ وأحرى.
فصل
المزاح إمّا من خفّة النفس فيكون من رذائل الغضبية أو ميل النفس إليه ، أو الطمع في أموال الناس بتطييب خواطرهم فيكون من رذائل الشهويّة ، وإكثاره مذموم يوجب قسوة القلب بكثرة الضحك ، وغفلته عن يوم الجزاء ويسقط المهابة ويورث البغضاء ، وربّما آل إلى الهزل والاستهزاء.
قال بعض الأكبر لابنه : يابني! لا تمازح من هو أعلى منك فيعاديك ، ولا من هو أدنى منك فيجتري عليك.
وقال الآخر : المزاح مسلبة للبهاء مقطعة للأصدقاء.
وقيل : لكلّ شيء بذر ، وبذر العداوة المزاح.
وأمّا القليل الذي يبعث على تطييب قلوب الاخوان وانبساط خواطرهم واستيناسهم ، ولا يتضمّن كذباً وايذاء ، فهو ممدوح لفعل الرسول والأئمة عليهمالسلام ، فكان صلىاللهعليهوآله يمزح ويمزح به ، ويقول : « إنّي لأمزح ولا أقول
__________________
١ ـ المحجة البيضاء : ٥ / ٢٣٦ وفيه : « إنّ المستهزئين بالناس ».