فصل
ومن نتائج حبّ الجاه حبّ المدح وكراهة الذمّ المستلزمين لجعل الأفعال والأقوال تابعة لأهواء الناس رجاءاً لمدحهم وخوفاً من ذمّهم وايثار رضا الخلائق على رضا الخالق بارتكاب المكروهات ، بل المحرّمات وترك السنن ، بل الواجبات والنهاون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتجاوز عن الانصاف.
وهذا كلّه خارج عن الايمان ، لأنّ المؤمن لاتأخذه في الله لومة لائم.
وعن النبي صلىاللهعليهوآله : « إنّما هلك الناس باتّباع الهوى وحبّ الثناء ». (١)
وقال صلىاللهعليهوآله لرجل أثنى على آخر بحضرته : « لو كان صاحبك حاضراً فرضي بالذي قلت فمات على ذلك دخل النار ». (٢)
وقال صلىاللهعليهوآله : « ألا لاتمادحوا وإذا رأيتم المدّاحين فاحثوا على وجوههم التراب ». (٣)
وأشدّ مراتبه الموجب للهلاكة التوصّل إليه بالرياء في العبادات ومقارفة المحظورات.
وأهون منه التوصّل إليه بالمباحات وهو على شفا جرف الاهلاك لعدم إمكان ضبط حدود الأقوال والأفعال التي بها تستمال القلوب.
ثمّ عدم السعي في طلبه ، لكن يسرّ صاحبه ويرتاح من غير كراهة لسروره وهو أيضاً نقص للسالك المعالج لقلبه وإن لم يكن آثماً في ظاهر الشريعة.
ثم السرور به مع كراهته وتوبيخ نفسه عليه ، فإن كان في مقام المجاهدة لم يترتّب عليه ذمّ ولا ملامة ، بل يثاب عليه إن شاء الله تعالى ، والا لم يكن خالياً عن شوب نقص.
__________________
١ ـ المحجة البيضاء : ٦ / ١١٢.
٢ ـ المحجة البيضاء : ٦ / ١٣٣.
٣ ـ المحجة البيضاء : ٦ / ١٣٣ ، وفيه : « في وجوههم ».