من ذلّة مادحه وهكذا.
وبالجملة فالمعتبر استواؤهما عنده في كلّ الحالات. والله المستعان.
فصل
الرياء تسخير قلوب الناس يخصال الخير أو آثارها مطلقاً أو في العبادة خاصّة ، والباعث عليه إمّا حبّ الجاه بنيل الحكومة أو القضاء وأخذ الرشى والايتمان على الودائع والصدقات وأموال اليتامى ، فيكون من رذائل الشهويّة ، أو للتسلّط والترفّع على الناس فيكون من رذائل الغضبية ، وإمّا الطمع فيما هو عادم له من المشتهيات كحضور المجالس لمشاهدة النسوان والصبيان وإظهار الزهد والورع ليبذل له الأموال ويرغب فيه النساء فيكون من رذائل الشهوية ، أو الخوف من أن ينظر إليه بعين الحقارة أو ينسب إلى البطالة والكسالة كترك العجلة والضحك بعد اطّلاع الناس عليه والقيام بالتهجّد وسائر النوافل إذا جلس مع الصالحين وتركه في الخلوة وغير ذلك.
ثم الرياء إمّا في أصول العقائد وهو كفر النفاق سواء كان في الشهادتين أو في ضروريات الدين بالاقرار بها ظاهراً مع اعتقاد طي بساط الشرع باطناً ميلاً إلى عقائد الملاحدة وأهل الاباحة ، وهذا أسوء من المحارب لجمعه بين الكفر والنفاق.
أو في العبادة الواجبة مع التصديق بأصل الدين كالصلاة والصوم في الخلاء دون الملاء ، وهو وإن لم يكن كافراً الا أنّه شرّ المسلمين لبطلان عبادته أوّلاً ، فإن الأعمال بالنيات ، فلا يكون ممتثلاً خارجاً عن عهدة التكليف فكأنّه لم يصلّ ، وأقترانه (١) بالرياء المأثوم صاحبه والممقوت عند الله تعالى ثانياً ، فهو أسوء حالاً من التارك للعبادات حيث جمع بين معصية الله مع الاستهزاء
__________________
١ ـ كذا ، والظاهر : اقترانها.