فصل
النفاق إن فسّر بمخالفة السر للعلن مطلقاً فهو أعمّ من الرياء مطلقاً ، وإن فسّر بمخالفته له في خصوص مصاحبة الناس ومعاشرتهم فبينهما عموم من وجه ، وعلى كلّ حال إن كان باعثه الجبن كان من رذائل الغضب من طرف التفريط ، وإن كان طلب الجاه كان منهما من طرف الافراط ، وإن كان الطمع في المناكح والأموال كان من رذائل الشهوة ، وهو من المهلكات العظيمة.
فعن النبي صلىاللهعليهوآله : « من كان له وجهان في الدنيا كان له لسانان من نار يوم القامة ». (١)
وقال صلىاللهعليهوآله : « يجيء يوم القيامة ذوالوجهين دالعاً لسانه في قفاه وآخر من قدّامه يلتهبان ناراً حتّى يلهبان خدّه ... الحديث ». (٢)
وغير ذلك من الأخبار.
وليس منه المجاملة مع المتعاديين فعلاً وقولاً ، إذا كان صادقاً فيما يظهره معهما وإن لم يكن من الصداقة التامّة. وكذا التقيّة ممّن يخاف شرّه بامجاملة معه وإظهار مدح لايعتقده فيه ليس من النفاق ، بل هي المداراة الممدوحة.
قال الله تعالى : ( ادفع بالّتي هي أحسن السيئة ) (٣) الا أنّه مختصّ بحالة الاحتياج والضرورة ، فلو فعله مع الاستغناء عن معاشرته ومجاملته كان نفاقاً محرّماً.
وعلاجه العلمي تذكّر ما ورد في ذمّه من الآيات والأخبار ، والعملي تقديم التروّي فعلاً وقولاً حتّى يسهل عليه حفظ نفسه عنه.
__________________
١ ـ المحجة البيضاء : ٥ / ٢٨٠.
٢ ـ المحجة البيضاء : ٥ / ٢٨٠ ، مع زيادة نقلاً عن الصدوق رحمهالله.
٣ ـ المؤمنون : ٩٦.