ولذا قال لقمان لابنه : « لو زعمت أنّ الكلام من فضّة ، فإنّ السكوت ذهب ». (١)
« وكان الربيع بن خثيم يضع قرطاساً بين يديه فيكتب ما يتكلّم إلى العشاء فيحاسب ما له وما عليه ويقول : واه! نجا الصامتون وبقينا ». (٢)
وهو من أخلاق الأنبياء وشعار الأوصياء.
قال الصادق عليهالسلام : « الصمت من شعار المحقّقين بحقائق ماجرى به القلم ». (٣)
تنبيه
قد تبيّن ممّا ذكر حسن الصمت وفوائده وغوائل الكلام ومفاسده ، الا أنّ للكلام أيضاً فوائد كثيرة ، فإنّ الله لم يجعل بينه وبين رسله معنى يكشف ما أسرّ إليهم من مكنونات علمه ومخزونات وحيه غير الكلام ، وكذا بينهم وبين الأمم ، إذ لايمكن تحصيل المعارف بالعقل والنقل الا بوساطته ، ولا يتحقق أشرف العبادات أعني الصلاة الا به ، ولا هداية الناس وإرشادهم إلى ما فيه خيرهم الا به ، فلابدّ للعاقل أن يقدّم التروّي في كلامه ، ويعرضه على عقله ، فإن كان مشتملاً على مصلحة تكلّم والا سكت ، فحسن الصمت إنّما هو بالنسبة إلى فضول الكلام وما يضرّ بدينه ودنياه لامطلقاً.
فصل
الخمول شعبة من الزهد ، وهو من صفات الموحّدين المستأنسين بالله تعالى ، كما ينادي به كتب السير والتواريخ ، وقد كثر مدحه في الأخبار والآثار.
__________________
١ ـ الكافي : ٢ / ١١٤ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الصمت ، ح ٦ ، مع اختلاف.
٢ ـ مصباح الشريعة : الباب ٢٧ ، في صمت ، مع اختلاف.
٣ ـ مصباح الشريعة : الباب ٢٧ ، في صمت مع اختلاف.