المقام الأوّل
في ذكر أنواع الظلم بالمعنى الأعم
ويسمى جوراً أيضاً ، أي التعدّي عن الأوساط اللازمة مراعاتها ، وفيه مقصدان :
المقصد الأول
في أنواع التعدّي عن الأوساط اللازمة مراعاتها فيما بين العبد والخلق.
تمهيد
مراعاة الحقوق اللازمة مراعاتها في حصول العدالة فيما بينه وبين الخلق وتركها والتعدّي عنها حتّى يسمّى ظلماً إنّما يحتاج إلى معرفتهما مع الصحبة والمعاشرة معهم ، وأمّا مع الاعتزال والانفراد عنهم فلا ، فلابدّ أوّلاً من بيان الأفضل منهما ، فإنّ للناس اختلافاً فاحشاً في ترجيح أحدهما على الأخرى ، وظاهر كثير من قدماء الصحابة والتابعين ترجيح العزلة ، فإن بني الأمر عليه ووفّق الانسان لمرتبة الانس بالله والوحشة عن الخلق لم يحتج إلى تجشّم مراعاة حقوق العشرة وسلب رذيلة الظلم بهذا المعنى عن نفسه ، وتحصيل فضيلة العدالة كذلك ، وهذا أيضاً من فوائدها.
ونشير إلى أدلّة القولين إجمالاً ، فإنّ البسط فيها موكول إلى كتاب العزلة من الإحياء لأبي حامد ، حيث وفّاه حقّ البسط بما لامزيد عليه.
فأحسن ما يمكن أن يستدلّ به على تفضيل العزلة قول الصادق عليهالسلام : « صاحب العزلة متحصّن بحصن الله ومحترس بحراسته ، فياطوبى لمن تفرّد به سرّاً وعلانية ويحتاج إلى عشر خصال : علم الحقّ والباطل ، وتحبّب