ذلك يتضح الأفضل ، ويتبين من ذلك أن الاولى بحال السالك مراعاة الاعتدال فيهما.
تفريع
ثم إن تعذر عليك أن تعيش معتزلاً عن الخلق ولم يتم عيشك إلا بالمخاطة لأبناء نوعك أو كانت أصلح بحالك من العزلة لم يكن لك بد من معرفة آدابها ولمخالطة كل من تريد أن تخالطه أدب خاص على قدر حقه عليك ، وبواسطة رابطته التي بها وقعت الخلطة وأخصها القرابة وأعمها الاسلام وفيما بينهما حق الجوار وحق الصحبة في السفر أو المكتب أو الدرس أو الصداقة أو الاخوة ولكل منهما درجات فحق الرحم المحرم آكد في حقوق القرابة من غيره ، وحق الوالدين آكد في حقوق المحارم من غيرها ، وحق المسلم يتأكد بالمعرفة التي لها درجات مختلفة ، وحق الصحبة في الدرس والمكتب آكد من صحبة السفر ، وكذا للصداقة مراتب ، فإنها إذا قويت صارت اخوة ثم إن ازدادت صارت خلة ، فإن الخلة عبارة عن تخلل الحب جميع أجزاء القلب ظاهراً وباطناً واستيعابه له فالخليل أخص من الحبيب ، فالتعدي في كل من مراتبها ظلم وجور ، أي تعد عن الوسط اللازم مراعاته فيما بينه وبين الخلق ، ونحن نشير هنا إلى أنواع التعديات المذكورة في عدة فصول.
فصل
إيذاء المؤمن بل المسلم وإهانته من المحرمات ، ومستوجب للهلاك.
قال الله تعالى : ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً ). (١)
وفي النبوي : « من آذى مؤمناً فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ،
__________________
١ ـ الأحزاب : ٥٨.