المرتبة مع وجود المنازع ، والملائكة ليس لهم مزاحم ». (١)
فصل
الغاية في تهذيب الأخلاق هو الوصول إلى الخير والسعادة.
والخير إمّا غاية الوجود وهو المطلق أو آلة الوصول إليه وهو المضاف ، وهو إما ذاتي الشرف كالعقل والحكمة ، أو ممدوح كأنواع الفضائل والأفعال الجميلة ، أو خي بالقوّة ، وهو الاستعداد لما ذكر ، أو نافع في الوصول إليه كاثروة.
والسعادة وصول الشخص بحركته النفسانيّة إلى كماله ، فتختلف بالنسبة إلى الأشخاص بخلاف الخير لا شتراك الكل فيه ، واختلفوا في اختصاصها بالنفس أو شمولها للبدن أيضاً.
فقيل بالأوّل وأنها محصورة في الفضائل الأربع النفسانية ، لأن حقيقة الانسان عندهم عبارة عن النفس الناطقة والبدان آلة لهان فلو كان صاحب هذه الفضائل الأربع خامل الذكر ناقص الأضاء فقيراً ممتحناً بأنواع المحن والبلاء كان سعيداً الا مرضاً يمنع نفسه عن اقتناء تلك الفضائل الأربع كفساد العقل ورداءة الذهن ، وفرعوا عليه عدم حصول السعادة الحقيقيّة لها الا بعد مفارقتها عن البدن ، وأنّ كدورات الجسمية وأخباث الطبيعة مانعة لها عن انكشاف الحقائق لها كما هو حقّه وقبولها للآثار الحقة والأنوار الالهية وشاغلة لها بالضروريات البدنية والشواغل الجسمية ، وبعد المفارقة ترتفع عنها الحجب الظلمانية وتصفو لقبول الأنوار الحقة الربانية.
وقال المعلم الأوّل وأتباعه : بأنّ من السعادة ما يتعلّق بصحّة البدن وسلامة الحواس واعتدال المزاج ، وما يتعلّق بالأموال والأعوان حتى يتوصّل
__________________
١ ـ جامع السعادات : ١ / ٣٤ ، ونحوه في الوسائل : كتاب الجهاد ، باب وجوب غلبة العقل ، ح ٢.