ما شاع بين الناس من قولهم عجباً من فلان مع فضله وذكائه كيف يقرأ عند فلان مع أنّه لايفهم شيئاً ، أو العجب منه مع حسن سليقته واستقامة طبعه كيف يحبّ هذه الجارية او المرأة المكروهة وأمثال ذلك.
وقد تنشأ من الترحّم والاغتمام الصادقين ممّا ابتلي به فينسيه ذلك لم ينفع إلا بالتفضيح جاز ، وربما كان له عذر في فعله بحيث لم يطلع عليه فلا وجه لغيبته أولاً.
وقد تكون غضباً لله تعالى مع أنّ الواجب أوّلاً نصحه ومنعه سرّاً ، فإن لم ينفع إلا بالتفضيح جاز ، وربما كان له عذر في فعله بحيث لم يطّلع عليه فلا وجه لغيبته أوّلاً.
كما روي أنّ رجلاً مرّ على قوم فسلّم عليهم فردّوا عليه فلمّا جاوزهم قال واحد منهم : إنّي ابغضه لله تعالى ، فأنكر أصحابه عليه فبثوا إلى الرجل من يخبره بذلك ، فاشتكى إلى النبي صلىاللهعليهوآله فدعاه فسأله فصدّقه ، فقال : لم تبغضه؟ فقال : إنّي جاره وأنا به خبير ، والله مارأيته يصلّي صلاة الا هذه المكتوبة ، فقال : يا رسول الله! فاسأله هل رآني أخرّتها عن وقتها أو أسأت الوضوء لها والركوع والسجود؟ فسأله فقال : لا ، فقال : والله ما رأيته يصوم شهراً قطّ الا هذا الشهر الذي يصومه كلّ برّ وفاجر ، قال : فاسأله يارسول الله هل رآني أفطرت فيه أو نقصت من حقّه شيئاً؟ فسأله فقال : لا قال : والله مارأيته يعطي سائلاً قطّ ولا مسكيناً ولا رأيته ينفق من ماله شيئاً في سبيل الخير الا هذه الزكاة التي يؤدّيها البرّ والفاجر ، قال : فاسأله هل رآني نقصت منه شيئاً أو ماكست طالبها الذي يسألها؟ فسأله فقال : لا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله للرجل : قم فلعلّه خير منك. (١)
فإذا علم أنّ دواعيها لا تخلو مما ذكر تفحّص عن نفسه أنّ داعيه من أيّها فإن كان الغضب عالجه بما ذكرناه فيه ، وكذا الحقد والحسد.
وأمّا الموافقة فبأن يعلم أنّ من طلب سخط الله تعالى في رضى
__________________
١ ـ المحجة البيضاء : ٥ / ٢٦٣ ـ ٢٦٤ مع اختلاف.