المقصد الثاني
في أنواع الظلم التي حاصلها ترك العبد مايجب عليه مراعاته فيما بينه وبين الله تعالى لكونه ظلماً على نفسه وتعدّياً عن الوسط اللازم مراعاته في تحقّق معنى العدالة.
فمن جملتها العصيان مطلقاً ، وهو جنس لما ذكر ، وسيذكر إن شاء الله تعالى من المعاصي الظاهرة والباطنة ، وضدّه التقوى والورع ، وقد أشير إليهما فيما سبق.
فصل
ومنها : الأصرار على العصيان ، وهو من نتائج الأمن من مكر الله وعدم الحبّ له ، وكلّ ما يدلّ على ذمّ مطلق المعاصي أو خصوص أفرادها يدلّ على ذمّه بطريق أولى ، وقد أشير فيما سبق إلى بعض ماورد في ذمّ أفرادها المشار إليها.
ومن جملة ما دلّ على ذمّ مطلقة قول النبي صلىاللهعليهوآله : « ما من يوم طلع فجره ولا ليلة غاب شفقها الا وملكان يتجاوبان (١) بأربعة أصوات ، فيقول أحدهما : ياليت هذا الخلق لم يخلقوا ، فيقول الآخر : ياليتهم إذا خلقوا علموا لماذا خلقوا ، فيقول الآخر : ياليتهم إذا يعلموا لماذا خلقوا عملوا بما علموا ، فيقول الآخر : ياليتهم إذا لم يعملوا بما علموا تابوا ممّا عملوا ». (٢)
وقال أميرالمؤمنين عليهالسلام : « لاتبدّين عن واضحة وقد عملت الأعمال الفاضحة ، ولاتأمنّن البيات وقد عملت السيّئات ». (٣)
وقال الباقر عليهالسلام : « ما من شيء أفسد للقلب من الخطيئة ، إنّ القلب ليواقع الخطيئة فما تزال به حتّى تغلب عليه حتّى يصير أعلاه أسفله ». (٤)
__________________
١ ـ كما في المصدر ، وفي « الف » و « ب » : يتجاذبان ، وفي « ج » : يتحادثان.
٢ ـ المحجة البيضاء : ٧ / ٩٣.
٣ ـ الكافي : ٢ / ٢٧٣ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الذنوب ، ح ٢١.
٤ ـ الكافي : ٢ / ٢٦٨ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الذنوب ، ح ١.