وساعدنا التوفيق.
ثم إنّ لمن يختار صحبته شروطاً فلا يصلح للصحبة كلّ أحد.
ففي النبوي صلىاللهعليهوآله : « المرء على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل ». (١)
وهي تظهر بحسب الغاية المطلوبة منها وهي دينية ودنيوية ، والثانية ليست من غرضنا ، والأولى مختلفة.
فمنها : استفادة العلم والعمل.
ومنها : استفادة الجاه دفعاً للأذية المشوّشة للقلب والصادّة عمّا هو مقصود لذاته ، أو المال احترازاً عن تضييع الأوقات في طلب الأقوات.
ومنها : الاستعانة في المهمّات والاستعداد للمصائب وسائر الحالات.
ومنها : التبرّك بالدعاء أو انتظار الشفاعة في العقبى.
فكلّ من هذه الفوائد تقتضي شروطاً لا تحصل الا بها ، وهي اجمالاً استجماعه لخمس خصال.
أن يكون عاقلاً فلا خير في صحبة الأحمق ، لأنّه يضرّك حال قصده لمنفعتك من حيث لايعلم ، ولذا قيل :
إنّي لآمن من عدوّ عاقل |
|
وأخاف خلاً يعتريه جنون |
فالعقل فنّ واحد وطريقه |
|
أدرى وأرصد والجنون فنون |
والمراد من العاقل من يفهم الأمور على ما هي عليها بنفسه ، أو بتفهيم الغير.
وأن يكون حسن الخلق ، إذ ربّ عاقل عاجز عن قهر شهوته وغضبه فيخالف ما يدركه عقله من غير شعور.
وأن لايكون فاسقاً ، فإنّ من لايخاف الله لا يوثق به ، بل يتغيّر بتغيّر الأغراض.
قال تعالى : ( فأعرض عمّن تولّى عن ذكرنا ولم يرد الا الحياة
__________________
١ ـ المحجة البيضاء : ٣ / ٣٠٩.