أمّا النظر فبأن يكون مودّة فلا ترى منهم الا المحاسن ، ولا تصرفه عنهم حين إقبالهم عليك.
وأمّا السمع فبالاستماع لكلامهم والتلذّذ منه والتصديق لهم.
وأمّا اللسان ففيما ذكر ، وأن لاترفع صوتك عليهم وتفهّمهم مرادك.
وأمّا اليدان فبأن لاتقبضهما عن مؤونتهم فيما يتعاطى بهما وأمثال ذلك.
وأمّا الرجلان فأن تمشي وراءهم مشي الاتّباع والتعظيم لهم والسعي في قضاء حوائجهم فيما يتعاطى بهما وأمثال ذلك.
تتميم
قال بعض الحكماء : إذا أردت حسن المعيشة فالق صديقك وعدوّك بعين الرضا من غير ذلّة ولا وحشة وتوقّر في غير كبر وتواضع في غير مذلّة ، وكن في جميع أمورك متوسّطاً ، ولاتنظر في عطفيك ، ولاتكثر الالتفات ، ولاتقف على الجماعات وتحفّظ من تشبيك أصابعك والعبث بلحيتك وخاتمك وتخليل أسنانك وإدخال يدك في أنفك وكثرة بصاقك وتنخّمك وذبّ الذباب عن ووجهك وكثرة التمطّي والتّثاؤب في وجوه الناس وفي الصلاة وغيرها ، وليكن مجلسك هاوياً (١) وحديثك منظوماً ، وأصغ إلى الكلامالحسن ممّن حدّثك بغير إظهار تعجّب مفرط ، ولاتسأله إعادته ، واسكت عن المضاحك والحكايات ، ولاتحدّث عن الإعجاب بولدك ولا جاريتك ولا شعرك ولا تصنيفاتك وسائر ما يخصّك ، ولاتتزيّن كما تتزيّن المرأة ولاتبتذل تبذّل العبيد وتوقّ كثرة الكحل والاسراف في الدهن ولاتلحّ في الحاجات ولاتشجّع الظالم في ظلمه ، ولا تخبر أهلك وولدك فضلاً عن غيرهم بمقدار ما لك فإنّهم إن رأوه قليلاً وهنت عندهم وإن روه كثيراً لم يمكنك إرضاؤهم واجفهم (٢) من غير عنف ولن لهم من غير ضعف ولا
__________________
١ ـ كذا في النسخ ، وفي المحجة البيضاء : هادياً.
٢ ـ كذا في النسخ : وفي المحجة البيضاء : وأخفهم.