تهازل العبيد والاماء فيسقط وقارك ، وإذا خاصمت فتوقّر وتحفّظ من جهلك وتفكّر في حجّتك ولا تكثر من الاشارة بيديك ولا تكثر الالتفات إلى ماوراءك ، وإذا هدأ غيظك فتكلم وإن تقرّبت إلى السلطان فكن منه على حدّ السنان ولاتأمن انقلابه عليك وارفق به رفقك بالصبي وكلّمه بما يشتهيه ولاتدخل بينه وبين أهله وولده وجيشه وإن كان معك في غاية اللطف.
وإيّاك وصديق العافية ، ولايكن مالك عندك أعزّ من عرضك ، وإذا دخلت مجلساً فسلّم على أهله ولاتتخطّ من سبقك واجلس حيث وسعك ، وكلّما كان أقرب إلى لتواضع كان أحسن ، ولاتجلس على الطريق وإن جلست فغضّ بصرك وانصر المظلوم وأغث الملهوف وأعن الضعيف وأرشد الضالّ وردّ السلام وأعط السائل وأمر بالمعروف وانه عن المنكر وارتد لموضع البصاق مايكون عن يسارك وتحتت قدمك اليسرى ولاتستقبل به وال تجالس الملوك ، وإن فعلت فلا تغتب ولا تكذب ، وأقلل حوائجك واحفظ أسرارهم وعذّب ألفاظك وإعرب في خطابك ، واذكر أخلاق الملوك وقلّل المداعبة وأكثر الحذر منهم وإن أظهروا المودّة ، ولا تجالس العامة ، فإن فعلت فلا تخض في حديثهم وقلّل الإصغاء إلى أراجيفهم ، وتجاهل عمّا يجري في سوء ألفاظهم.
واترك المزاح رأساً ، فإن اللبيب يحقد عليك والسفيه يجترىء عليك ، فإنّه مسقط لماء الوجه ومخرق للهيبة ، وهو يميت القلب ، ويباعد عن الربّ ، ويكسب الغفلة ، ويورث الذلّة ، والله المستعان. (١)
فصل
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الكفاية ، ويدلّ عليه الإجماع والكتاب والسنّة والاعتبار.
__________________
١ ـ المحجة البيضاء : ٣ / ٣٥٠ ـ ٣٥٢.