فصل
التوبة عن الذنوب مبدء طريق السالكين ورأس مال الفازين ومفتاح استقامة المريدين ، وهي أصل النجاة ، وبها ينقذ من شفا جرف الهلكات ، والآيات والأخبار في مدحها وفضلها كثيرة.
قال تعالى : ( وتوبوا إلى الله جميعاً أيّها المؤمنون لعلكم تفلحون ). (١)
( توبوا إلى الله توبة نصوحاً ). (٢)
والنصوح الخالص الخالي عن شوائب الأغراض.
( إنّ الله يحبّ التوّابين ). (٣)
وقال النبي صلىاللهعليهوآله : « التائب حبيب الله ، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ». (٤) وغير ذلك.
وفسّرها بعضهم بتنزيه القلب من الذنب والرجوع من البعد إلى القرب.
وقيل : إنّها ترك المعاصي في الحال والعزم على تركها في الاستقبال والتدارك لما سبق من التفريط.
وقيل : بل هي معنى ينتظم من العلم بضرر الذنوب وكونه حجاباً بين العبد والمحبوب ، والندم ، أي ألم القلب بفواته الحاصل منه ، والعزم على الترك حالاً واستقبالاً مع التلافي لما مضى فيما يقبله بالجبر والقضاء ، فالعلم مطلعها ، إذ المراد منه الإيمان أي التصديق واليقين بأن الذنوب سموم مهلكة فإذا استولى على القلب وأبصر بنور الإيمان كونه محجوباً عن مطلوبه
__________________
١ ـ النور : ٣١.
٢ ـ التحريم : ٨.
٣ ـ البقرة : ٢٢٢.
٤ ـ المحجة البيضاء : ٧ / ٧.