تضادّ مع كلّ معصية ، ولذا تؤثر مطلقاً الا أنّ الثقة بما ذكرناه أظهر.
وممّا يدلّ على كون الضدّ كفّارة للضدّ أنّ حبّ الدنيا والسرور بها رأس كلّ خطيئة ، وهو أثر اتّباعها فكلّ أذى يصيبك يبعدك عنها وتتجافى بالهموم والغموم من دارها.
وفي الخبر : إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له عمل يكفّرها أدخل الله عليه الغموم ليكون كفّارة لذنوبه. (١)
وربما يقال : إنّ الهمّ ظلمة الذنوب وشعور القلب بموقفه للحساب.
والأخبار الدالّة على تكفير المصائب الدنيوية حتّى الشوكة تدخل في الرجل كثيرة ، فحبّ الدنيا خطيئة ، والتمتّع منها متمّمها والحرمان عنها كفّارتها ، ولابدّ من عقد قلبه مع الله عقداً مؤكّداً وعهداً موثّقاً أن لا يعود إليها وإلى أمثالها ، ومن مهمّاته إذا لم يكن عالماً تعلّم ما يجب عليه ويحرم حتّى يتمكّن من الاستقامة.
إزالة وهم
قيل : لايصحّ التوبة عن بعض المعاصي دون بعض ، فإنّ الندم حالة يوجبها العلم بتفويت المعاصي للمحبوب من حيث كونها معصية وكلّها متساوية من هذه الحيثية ، فرتبة التائب لاتنال الا بالندم وهو لايكون الا عن مخالفة الأمر لتي تعمّ المعاصي بأسرها ، وكما لايصحّ عن بعض المتماثلات دون بعض كشرب الخمر من هذا الدنّ دون ذاك ، لأن الدنّ آلة والمعصية واحدة ، فكذا المختلفات لأنّ أعيانها آلات لها والأصل واحد.
وفيه أنّ التوبة عن بعضها كالكبائر دون غيرها ، أو بعض الكبائر دون بعض ممكن من حيث كون المتروك أعظم إثماً من غيره ، فلا يستحيل الندم على الأعظم دون الأهون ، وقد كثر التائبون في القرون الماضية ولم يكن
__________________
١ ـ المحجة البيضاء : ٧ / ٦٦.