أحد منهم معصوماً ولم يشترطها أحد ، على أنّه ما من مؤمن الا وهو خائف نادم على معاصيه ضعيفاً أو قويّاً ، الا أنّ لذّة نفسه منها لشهوته أعظم من ألمه بخوفه لجهله أو غفلته أو غير ذلك ، فربما تبلغ الشهوة في بعض المعاصي مبلغاً لايقوى عليها الخوف المزبور ، وربّما تضعف بحيث يقوى عليها ، ولو لا ذلك لما تصوّر من الفاسق الصيام والصلاة مثلاً.
والنبي صلىاللهعليهوآله قال : « التائب من الذنب كمن لا ذنب له ». (١) ولم يقل من الذنوب.
ومنه يظهر فساد التشبيه بالمتماثلات لاتّحاد نوع الشهوة فيها فلا معنى لقمعه أحدها دون مثلها بخلاف المختلفات لاختلاف قدرها فيها ، وكذا الكثير دون القليل لكثرة العقوبة التي يخاف منها في الأوّل فيكثر الخوف بحيث يقاوم الشهوة بخلاف الثاني فلا يقاومها.
تقسيم
التائب إمّا يكون له شهوة في الذنب لكنّه يجاهد نفسه فيه أم لا ، والثاني إمّا أن يكون سكونه عليها لفتور في أصل الشهوة أو لأن قوّة يقينه وجهاده بلغ مبلغأً قمعها عن نفسه فتأدّب بآداب الشرع ، والثالث أفضل ممّا قبله ، إذ الجهاد ليس مقصوداً لذاته ، بل للوصول إلى هذه المرتبة والواصل إلى المطلوب أحسن من السالك الغير الواصل ، ومن ظفر على خصمه فاسترقّه فهو أعظم من المشغول بجهاده ، ولايعلم كيف يسلم ، والأوّل أفضل من الثاني ، فإنّ جهاده يدلّ على قوّة يقينه دونه وكون الثاني أسلم لايدلّ على كونه الأفضل ، والا لكان الصبيّ والعنّين أفضل من البالغ [ والفحل ] (٢) ، فالعزّ في الأخطار ، والشهامة شرطها الاقتحام في الأوغار.
__________________
١ ـ المحجة البيضاء : ٧ / ٧.
٢ ـ الزيادة أثبتناها من المحجة البيضاء : ٧ / ٧٥.