وأمّا مع انضياف التضرّع والابتهال في سؤال المغفرة عن صدق إرادة وخلوص نيّة فهي حسنة في نفسها تصلح لدفع السيّئة.
وعليه يحمل ما ورد في فضله وليس وجودها كعدمها ، إذ لايخلو ذرّة من الخير من أثر كما لاتخلو شعيرة تطرح في الميزان عنه ، فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره أو شرّاً يره ، فكّل ذرّة ترجّح الميزان حتّى تثقل إحدى الكفّتين على الاخرى ، فإيّاك وأن تستصغر ذرّات الطاعات فلا تأتيها أو المعاصي فلا تنقيها كالمرأة الخرقاء تكسل عن الغزل تعللّاً بأنّها لاتقدر في كلّ ساعة الا على خيط واحد ، وأيّ غنى يحصل منه ولاتدري أنّ ثياب الدنيا اجتمعت خيطاً [ خيطاً ] (١) بل الاستغفار اللساني الخالي عن الحضور القلبي أيضاً حسنة ، إذ هو خير من حركة اللسان بغيبة أو فحش ، بل من السكوت أيضاً.
نعم هو نقص بالاضافة إلى عمل القلب ، فمهما عوّدت الجوارح بالخيرات منعتها عن المعاصي فلا تفترنّ رغبتك فيها بهذه الخيالات التي هي من مكائد الشيطان فتسعف بذلك حاجته ، ولا تظن أنّ ذمّنا لحركة اللسان من جهة مكانها ذكراً ، بل هي عبادة من تلك الجهة ، بل من جهة غفلة القلب ، والحاجة إلى الاستغفار لأجلها ، فتارك الذكر اللساني محتاج إلى الستغفارين ، فهي أمور إضافية ، كما قيل : إنّ حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين.
تذنيب
ثمّ الطريق إلى تحصيل التوبة وعلاج حلّ عقدة الإصرار تذكّر ما دلّ على الحثّ عليها وذمّ المعصية والتأمّل في أحوال الأنبياء وحكايات أكابر الأولياء وما جرى عليهم من المصائب بسبب تركهم الأولى والعلم بأن كلّ عقوبة تصل إلى العبد في الدنيا فهو بسبب المعصية كما ورد في الأخبار ، والتذكّر لعجزه وضعفه عن قليل من مكاره الدنيا وقوباتها فكيف بالآخرة
__________________
١ ـ في « ج » فقط.