يرجعني إلى الدنيا ساعة أعمل فيها صالحاً ، فاحسبي وفاتك ثم ردّك ، فإيّاك والتضييع ، فإنّه لاغبن ولاحسرة أعظم من ذلك ، ولذا سمّي يوم القيامة بيوم التغابن » ، فهذه وصيّة لنفسه في أوقاته ، ثم يستأنف لها وصيّة في أعضائه السبعة ويسلّمها إليها لكونها خادمة لها ، وبها يتمّ أعمال التجارة ، فإنّ لجهنّم سبعة أبواب ، لكلّ باب منها جزء مقسوم ، فيتعيّن تلك الأبواب بالمعاصي بأحد هذه ، فيوصيها بحفظها عنها كالنظر إلى عورة المسلم أو وجه محرّم أو إلى المسلم بعين الحقارة ، بل عن كلّ فضول ولايقنع به ، بل يشغله بالنظر إلى عجائب صنع الله للاعتبار وإلى أعمال الخير للاقتداء وإلى مطالعة الكتاب والسنّة وكتب الحكمة للاتّعاظ ، وكذا يفعل في كلّ عضو سيّما البطن واللسان لانطلاق الثاني بالطبع وكثرة آفاته مع كونه مخلوقاً للذكر وغيره من الخيرات فيكلّفه ويشترط عليه عدم تحريكه الا بها ويكلّف البطن بترك الشره وتقليل الأكل والاجناب عن الشبهات فضلاً عن المحرّمات ، ثم يستأنف الوصيّة بوظائف الطاعات ويرتّب لها تفصيلها ، وكيفيّة الاستعداد لها ، فإ ذا عوّد على نفسه المشارطة أيّاماً وطاوعته في الوفاء بها استغنى عن المشارطة بعده ، لكن لايخلو في كلّ يوم عن مهمّ جديد وأمر حادث لله عليه فيه حقّ فيشترط عليها الاستقامة فيها ويعظها كما يوعظ العبد المتمرّد الآبق ( وذكّر فإنّ الذكرى تنفع المؤمنين ). (١)
وأمّا المراقبة بعد ذلك ، فإذا خاض في الأعمال لاحظتها بالعين الكالئة.
قال الصادق عليهالسلام : « اعبد الله كأنّك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك ». (٢)
__________________
١ ـ الذاريات : ٥٥.
٢ ـ المحجة البيضاء : ٨ / ١٥٥.